دم أحمر، والآخر يقول: إنّها دم أسود، فيقال بالحجّية في الثاني دون الأوّل.
فإنّ مجرّد كون الخصوصيّة المختلف فيها غير دخيلةٍ في موضوع الحكم الشرعيّ لا يكفي في حجّية البيّنة إذا كان إدراكها الحسّيّ بنفس إدراك ما هو موضوع الحكم الشرعي، بحيث تكون التخطئة في إدراك الخصوصية، مساويةً للتخطئة في إدراك موضوع الحكم، إذ في هذه الحالة ينفي كلّ من الشاهدين إدراك الآخر لموضوع الحكم، وإن كان لا ينفي موضوع الحكم نفسه.
وبذلك تكون طريقية كلٍّ من الشهادتين مبتلاةً بالمزاحم، ولا يكون ضمّ إحداهما إلى الاخرى موجباً لتقوّي الطريقية، ومثل ذلك لا يشمله إطلاق دليل حجّية البيّنة، كما عرفت سابقاً.
هذا كلّه بناءً على انحصار الحجّية بالبيّنة.
وأمّا المقام الثاني- وهو الكلام على تقدير القول بحجّية خبر الواحد الثقة- فلا إشكال في الحجّية مع فرض عدم التعارض.
وأمّا مع فرض التعارض فقد يقال بأنّ المسألة مبنية على مسألة تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجّية، فإن قلنا بالتبعية لم يثبت شيء في المقام، وإلّا كانت كلّ من الشهادتين حجّةً في إثبات المدلول الالتزامي، فاذا قال أحدهما: إنّ البول لاقى هذا الماء لا الدم، وقال الآخر عكس ذلك ثبتت النجاسة باعتبارها مدلولًا التزامياً لخبر الثقة.
ولكنّ الصحيح: عدم إمكان إثبات المدلول الالتزاميّ في المقام، حتّى بناءً على القول بعدم التبعية.
وتوضيحه: أنّ المدلول الالتزاميّ للشاهد بملاقاة البول- مثلًا- إمّا أن يكون هو الحصّة الخاصّة من النجاسة الناشئة من البول، كما يدّعي القائل بالتبعية.
وإمّا أن يكون هو جامع النجاسة.