خبر الثقة على وزان أدلّة الشرطية.
ومن الواضح أنّ أدلة الشرطية لا تشمل إلّاما يشمله دليل المشروط؛ لأنّها ناظرة إليه ومحدّدة لموضوعه، فلو قيل مثلًا: «لا صلاة إلّابطهورٍ» لا يراد بذلك تأسيس صلاةٍ جديدةٍ تصحّ مع الطهارة وبدون استقبالٍ مثلًا، بل ينظر إلى نفس الموضوع المشمول لدليل الصلاة، ويثبت فيه شرطاً جديداً.
وعلى هذا الأساس نقول: بأ نّه لو لم يكن تعارض بين الشهادتين في المستند فهما مشمولتان في نفسيهما لدليل حجّية خبر الثقة، فيشملهما دليل الشرطية، وهو دليل حجّية البيّنة أيضاً.
وأمّا اذا كانت الشهادتان متعارضتين في ذاتيهما فهما لا تكونان مشمولتين لدليل حجّية خبر الثقة، في نفسيهما باعتبار التعارض، وسريان التعارض إلى المدلول الالتزامي بحسب الفرض، فلا يشملهما دليل الشرطية أيضاً؛ لأنّه إنّما يثبت نفس الحكم المشروط في المورد الذي يشمله دليل المشروط، لكنّه يثبته مع الاشتراط، لا أ نّه يثبت الحكم لموضوعٍ لم يكن مشمولًا في نفسه لدليل المشروط.
فإن قيل: إذا بني على تبعية الدلالة الالتزامية فلا تكون البيّنة حجّةً عند الاختلاف في السبب مطلقاً، وإذا بني على عدم التبعية فحتّى مع التعارض يكون كلّ من الخبرين مشمولًا في نفسه بلحاظ المدلول الالتزاميّ لدليل حجّية الخبر، فلا مانع من إطلاق دليل حجّية البيّنة له، فلا يتمّ التفصيل.
كان الجواب: ما عرفت من أنّ تبعية الدلالة الالتزامية بمعنى سراية التعارض إليها من الدلالة المطابقية لا يستدعي عدم حجّية البيّنة في موارد الاختلاف في السبب مطلقاً؛ لأنّ عدم حجّية الدلالة المطابقية في هذه الموارد ليس من أجل التعارض ليسري إلى الدلالة الالتزامية.