والفرق بين هذين التقديرين يظهر في مثل إخبار الشاهدين بالنجاسة مع السكوت عن ذكر السبب، واحتمال اختلافهما لو طلب منهما ذكر السبب، فإنّه على الأوّل يؤخذ بهذه البيّنة، وعلى الثاني لا يؤخذ بها؛ لأنّ الملاقاة واقعة قابلة للتكرّر والتنوّع خارجاً، فليس صدق الشاهدين مساوقاً لوحدة الواقعة حينئذٍ.
وعلى أيّ حالٍ فلا تكون البيّنة تامّةً عند اختلاف الشاهدين في السبب؛ لثبوت تعدّد الواقعة الحسّية.
هذا كلّه في الجهة الاولى، أي في حكم اختلاف الشاهدين في الواقعة الحسّية مع عدم التعارض بينهما.
وأمّا الجهة الثانية- وهي في تحقيق حال التعارض بين الشاهدين- فقد فصَّل السيّد الماتن قدس سره بين فرضَي التعارض وعدمه، فالتزم بحجّية البيّنة في فرض عدم التعارض ولو مع الاختلاف في الواقعة، وبعدم حجّيتها مع التعارض.
واعترض عليه السيّد الاستاذ- دام ظلّه- بما تقدّمت الإشارة إليه[1]، من أنّ مبنى الحجّية ثبوتاً ونفياً استقلال الدلالة الالتزامية في الحجّية وتبعيتها، فعلى الأوّل يقال بالحجّية حتّى مع فرض التعارض، إذ لا تعارض بلحاظ المدلول الالتزاميّ، وعلى الثاني لا يقال بالحجّية حتّى مع عدم التعارض، فالتفصيل لا وجه له.
ويرد عليه:
أوّلًا: أنّ تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في السقوط عن الحجّية ليست هي مبنى عدم الحجّية في موارد اختلاف الشاهدين في السبب؛ لِمَا أوضحناه في الجهة السابقة من: أنّ هذه التبعية لا يراد بها أ نّه متى لا تجعل
[1] تقدّم في الصفحة 127.