ونقتصر في تحقيق حال هذا المسلك على تعليقين، مع إحالة الباقي إلى علم الاصول:
أحدهما: مبنائي، وهو: أ نّا نرى عدم المحذور العقليّ في الترخيص في أطراف العلم الإجماليّ كلّها، وإنّما المحذور عقلائي، بمعنى أنّ العقلاء بحسب ارتكازاتهم النوعية يرون أنّ ترخيص المولى في كلّ أطراف العلم الإجماليّ مساوق لرفع يده عن التكليف المعلوم رأساً، فمع الحفاظ عليه لا يرون شمول دليل الاصول المؤمِّنة لأطراف العلم الإجماليّ معاً.
وعليه نقول: إنّه في موارد خروج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء لا يرى العقلاء الترخيص في كلا الطرفين بمثابة رفع اليد عن التكليف الواقعيّ والاستخفاف به، بل هو في قوّة الترخيص في طرفٍ واحدٍ فقط من الناحية العملية، فالتنافي الارتكازيّ غير موجود. وتحقيق الاصول الموضوعية للمبنى متروك إلى محلّه أيضاً.
والتعليق الآخر: أ نّا لو سلّمنا أنّ المحذور في الترخيص في كلا الطرفين عقليّ لا عقلائيّ فقط- كما عليه مدرسة الميرزا قدس سره[1]– نقول: إنّ ملاك التنجيز بلحاظ الموافقة القطعية تساقط الاصول بالمعارضة، ولا تساقط في المقام، بل الأصل المؤمِّن يجري في الطرف المبتلى به بلا معارض؛ لقصور أدلّة الاصول المؤمِّنة عن الشمول للطرف الخارج عن محلّ الابتلاء، حتّى ولو كان الشكّ فيه شبهةً بدويةً فضلًا عن الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي.
وذلك: إمّا بتقريبٍ يجري في تمام أدلّة الاصول، وهو اللَغوية العقلائية لجعل الأصل؛ لأنّ النكتة التي صحّحنا بها جعل الحكم الواقعيّ في الموارد
[1] أجود التقريرات 2: 49. وفوائد الاصول 4: 17.