الفارغ ليست موضوعاً لتكليفٍ فعلي، وكذلك الحال في كلّ حالةٍ يكون طرف العلم الإجماليّ فيها شيئاً ممّا لا يشرب أو يؤكل أو يلبس، فإنّ استتباع نجاسته‏ إلّاإذا لم يكن أحدهما محلّاً لابتلائه، فلا يجب الاجتناب عمّا هو محلّ الابتلاء أيضاً (1).

—————

لتكليفٍ فعليّ يكون تقديرياً لا فعلياً، أي معلّقاً على ملاقاة ما يشرب، أو ما يؤكل، أو ما يلبس له.

نعم، قد بنينا في الاصول على أنّ حرمة الصلاة في النجس التي مردّها إلى المانعية فعلية بفعلية نفس الأمر بالمقيّد، أي الأمر بالصلاة المقيّدة بعدم النجاسة، وأنّ تنجّس الثوب خارجاً ليس قيداً في فعلية المانعية، بل في متعلّقها، بمعنى أنّ المكلّف بالفعل قبل أن يتنجّس ثوبه مأمور بأن لا يصلّي صلاةً مقرونةً مع نجاسة الثوب، وعلى هذا الأساس يكون العلم الإجماليّ بنجاسة الماء أو الإناء الفارغ منجّزاً أيضاً؛ لأنّ مرجعه إلى العلم الإجماليّ بحرمة شرب ذلك الماء، أو بطلان الصلاة في الثوب الذي يلاقي هذا الإناء، وهو بطلان فعليّ وإن لم تكن الملاقاة فعلية؛ لأنّ مردّه إلى المانعية المنتزعة من الأمر بالمقيّد، والفعلية بفعليته، وتفصيل الكلام عن ذلك في مباحث الاشتغال من علم الاصول‏[1].

***

(1) والمقصود من الخروج عن محلّ الابتلاء: مرتبة متوسّطة بين التيسّر والتعذّر العقليّين، والتي قد يعبّر عنها بالتعذّر العرفي، وتفصيل الكلام في هذه المسألة موكول إلى موضعه من علم الاصول. غير أ نّنا نذكر موجزاً بالنحو الذي يناسب المقام، وحاصله: أنّ هناك ثلاثة مسالك:

الأوّل: مسلك المشهور، حيث ذهبوا إلى عدم تنجيز العلم الإجمالي‏

 

[1] انظر فوائد الاصول 4: 68.