قلنا: إنّ ظاهر الإمام عليه السلام الإشارة إلى أمرٍ عرفيٍّ واضح، ولهذا يطلب من الراوي أن يسأل الوسواسيّ عن حاله لينزع منه الاعتراف بأنّ حالته من الشيطان، ومن الواضح أنّ ما هو مركوز لا يفرق فيه بين موردٍ وآخر، فحمله على الكشف عن أمرٍ تعبّديٍّ غيبيٍّ في خصوص باب الصلاة خلاف الظاهر.
ويمكن أن يفرّق بين التقريبات الثلاثة المتقدّمة من ناحيةٍ اخرى، وهي:
أنّ التقريب الأوّل والثاني ينفعان بطي‏ء اليقين، وهو الثاني من الأنواع الثلاثة لغير المتعارف؛ لأنّه يمكن أن يلتفت إلى كون شكّه غير عقلائي، بمعنى أنّ غيره من العقلاء لا يشكّ على هذا النحو، ولا ينفعان الوسواسيّ الذي ينشأ شكّه من غلبة الوهم عليه مع وجود المبرّر الكافي لإزالته عقلياً؛ لِمَا تقدّم من أ نّه لا يمكنه أن يصدّق بأنّ شكّه هذا من هذا القبيل.
نعم، قد ينتفع بهما إذا خيّل له أ نّه من النوع الثاني، وأنّ شكّه غير المتعارف ينشأ من بطي‏ء اليقين، لا من وسوسة الوهم.
وأمّا التقريب الثالث فهو ينفع الوسواسيّ؛ لأنّه يلغي شكّ كثير الشكّ، لا خصوص الشكّ غير المتعارف، والوسواسيّ قد يلتفت إلى حالته النوعية وأ نّه وسواسي وكثير الشكّ ويكفي هذا لشمول الأخبار له، وإن لم يحرز أنّ شخص هذا الشكّ كان من هذا القبيل.
نعم، لو قيل بأنّ مفاد السيرة العقلائية المدّعاة متطابق مع مفاد الأخبار من هذه الناحية لم يبقَ فرق بين التقريبين: الثاني والثالث.
الجهة الثانية: في الشكّ غير العقلائيّ في طرف الترخيص، بأن يظلّ المكلّف يحتمل الطهارة- مثلًا- في موردٍ يقطع غيره عادةً بارتفاعها، وهذا يتصوّر في النوع الثاني دون الأوّل والثالث، والظاهر فيه: أنّ هذا الاحتمال لا يكون مؤمّناً، لا بلحاظ المؤمّن العقلي، ولا بلحاظ المؤمّنات الشرعية.