محاسبة المأمور في مقام الامتثال على مثل تلك الاحتمالات غير العقلائية مع إمضاء الشارع لها، وإذا تمّ ذلك كان هذا المؤمِّن وارداً على أصالة الاشتغال، ومخصِّصاً لدليل الاستصحاب المقتضي لإجراء استصحاب عدم الإتيان لو لم نقل بخروج المورد عنه تخصّصاً، باستظهار أنّ الغاية المأخوذة في دليله ليست هي اليقين بالانتقاض على وجه الصفتية ليقال بأ نّها لم تحصل، بل على وجه الكاشفية، ومرجعها حينئذٍ- بحسب الفهم العرفي- إلى أنّ الغاية هي توفّر اليقين العقلائيّ بالنقض، وهو حاصل.
الثالث: التمسّك بالروايات الخاصّة الدالّة على عدم لزوم الاعتناء بشكّ كثير الشكّ[1]، الشاملة للوسواسيّ بمنطوقها، أو بالأولوية، على أساس أ نّه أسوأ حالًا من كثير الشكّ. وهذه الروايات واردة في خصوص باب الصلاة.
ومن هنا يمكن أن يفرّق بين التقريبات الثلاثة ويقال: إنّه على الأوّلَيْن يكون عدم لزوم الاعتناء عامّاً لسائر الموارد. وعلى الثالث يختصّ بالأبواب الخاصّة المنصوصة في تلك الروايات، كالصلاة والوضوء[2].
ولكن لا يبعد مساعدة العرف على إلغاء الخصوصيّة في روايات كثير الشكّ بمناسبة الحكم والموضوع، خصوصاً بلحاظ جعل ذلك من الشيطان في مقام تقريب الحكم وتعدّيه إلى سائر الموارد؛ لأنّ ما كان من الشيطان لا يفرق في رفضه بين موردٍ ومورد.
فإن قيل: لعلّ خصوص كثرة الشكّ في مورد الصلاة من الشيطان، فلا يكون هذا التعليل موجباً للتعدّي.
[1] وسائل الشيعة 8: 227، الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1.
[2] وسائل الشيعة 1: 63، الباب 10 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 1.