هذا بلا مبرّر، وإلّا لفقده، ولكن بإمكانه أن يلتفت إلى أ نّه أسرع يقيناً من غيره، وأنّ غيره لا يشاركه في يقينه، من دون أن يفقده ذلك يقينه، إذ قد يفسّر ذلك على أساس أ نّه يتميّز بتجارب وخبراتٍ تجعله يلغي جملةً من الاحتمالات التي يحتفظ بها غيره.
وعلى أيّ حالٍ فالكلام يقع في جهات:
الجهة الاولى: في الشكّ غير العقلائيّ في طرف الإلزام، أي التشكيك، حيث يحصل للإنسان الاعتياديّ اليقين أو الاطمئنان بعدم الإلزام، ويفرض ذلك في موردٍ يكون الشكّ فيه منجّزاً، كمورد الشكّ في الامتثال، فهل يجب على الوسواسيّ مراعاة احتماله غير المتعارف لعدم الامتثال، أوْ لا؟
الظاهر عدم وجوب المراعاة بأحد التقريبات التالية:
الأوّل: المنع عن جريان أصالة الاشتغال في نفسها، بدعوى: أ نّها تعني منجّزية التكليف بالاحتمال المذكور، وهو فرع أن يكون للمولى حقّ الطاعة بهذه المرتبة التي يسدّ بها باب هذه الاحتمالات غير العقلائية، وبالإمكان إنكار هذا الحقّ رأساً، وهو أمر واضح بالنسبة إلى الموالي العرفيّين، فإذا تمّ إنكاره فلا موضوع لأصالة الاشتغال في نفسها؛ لأنّ مرجع حكم العقل بوجوب الامتثال حينئذٍ إلى حكمه بلزوم التحفّظ من المخالفة من غير ناحية تلك الاحتمالات غير العقلائية، ولا ينفع في مثل ذلك استصحاب عدم الإتيان؛ لأنّه إنّما يجري حيث يكون الواقع المشكوك صالحاً للتنجيز، ومع ضيق دائرة حكم العقل بوجوب الامتثال من أول الأمر فلا أثر لإجرائه، إلّاإذا رجع إلى جعل حكمٍ واقعيٍّ مستقلٍّ، وهو خلف.
الثاني: بعد تسليم جريان أصالة الاشتغال في نفسها يقال بوجود المؤمِّن الشرعيّ الحاكم عليها، وهذا المؤمِّن يثبت بدليل السيرة العقلائية على عدم