لأنّ القصد والعمد هنا وإن كان مقوّماً للحكاية، إذ لا يصدق الإخبار والحكاية بدون قصدٍ وعمدٍ ولكنّ موضوع الحجّية ليس هو نفس عنوان الإخبار والحكاية، بل الكشف النوعيّ الملازم لذلك تكويناً، بدليل أنّ المدلول الالتزاميّ يثبت أيضاً ولو مع عدم التفات المخبر اليه رأساً.
فلو أخبر صاحب اليد بنجاسة ثوبه ونحن نعلم بأنّ نجاسته على تقدير ثبوتها توأم مع نجاسة العباءة ثبتت بذلك نجاسة العباءة؛ لتحقّق الكشف النوعي، وإن لم يصدق عنوان الإخبار والحكاية بلحاظ المدلول الالتزامي، فما هو موضوع الحكم الشرعي بالحجّية لازم تكوينيّ للإخبار المتقوّم بالقصد والعمد، لا لنفسه، فإلغاء القصد وتنزيل العمد منزلة عدمه إنّما يوجب نفي الآثار الشرعية التي كانت مترتّبةً على نفس القصد والعمد، لا المترتّبة على أمرٍ هو لازم تكوينيّ للقصد والعمد؛ لأنّ دليل التنزيل ظاهر في النظر إلى الآثار الشرعية للمنزل عليه، لالوازمه التكوينية.
الجهة الرابعة: في التفصيل من حيث النجاسة المخبر عنها بين بعض النجاسات وبعض، فيقبل قول صاحب اليد في بعضها مطلقاً، ولا يقبل في بعضها الآخر إلّاضمن شروط.
وهذا التفصيل مأخوذ من روايات البختج التي قيّدت جملة منها حجّية قول ذي اليد بأن يكون عادلًا، أو عارفاً، أو غير ذلك. فيقال حينئذٍ بأنّ إخبار صاحب اليد بحلّية البختج بذهاب ثلثيه وبطهارته بذلك- على القول بأ نّه ينجس كما يحرم بالغليان بالنار- ليس حجّةً مطلقاً، بل بقيودٍ خاصّة.
ويمكن تصنيف تلك الروايات التي يتراءى منها ذلك إلى ثلاث طوائف:
الطائفة الاولى: ما دلّ على اشتراط خصوصيةٍ في العصير زائداً على إخبار