كلّ مسكرٍ حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»، فقال له الرجل: هذا النبيذ الذي أذنت لأبي مريم في شربه أيّ شيءٍ هو؟ فقال: «أمّا أبي فكان يأمر الخادم فيجيء بقدحٍ فيجعل فيه زبيباً … إلى آخره»[1].
فهذه الرواية- كما ترى- تؤيّد إطلاق كلمة «النبيذ» على الزبيبي، فإنّ فيها الحكم بحلّية النبيذ، وإنّ أبا مريم سأله عن النبيذ فأخبره أ نّه حلال، ولم ينصب- في حدود ما جاء في هذا الحديث- قرينةً على أنّ المقصود هو الزبيبي، أو ما يشمل الزبيبي، ومع ذلك تراه في آخر الحديث حينما يريد أن يصف النبيذ يصف المتّخذ من الزبيب. ومثلهما رواية صفوان الجمال المتقدّمة فلاحظ.
والذي يطالع مجموع الروايات يشرف على القطع ببطلان دعوى اختصاصٍ من هذا القبيل.
وثانيهما: أن يقال: إنّ دوران النزاع الفقهيّ والدينيّ الواسع النطاق في أوساط العامّة حول حرمة القليل من النبيذ المسكر يوجب انصراف الأسئلة الموجّهة إلى الأئمّة من الرواة عن النبيذ إلى الاستفهام عن هذه النقطة، فيكون السؤال عن النبيذ المسكر، ويكون الجواب تأكيداً على حرمة كلّ مسكر، ولا يكون للسائل نظر إلى النبيذ غير المسكر الذي لم يكن موضعاً للخلاف بين المخالفين.
ولكن يظهر بملاحظة الروايات بطلان دعوى الانصراف المذكور، ولهذا كان الإمام عليه السلام يجيب حينما يُسأل عن النبيذ بالحلّية، فلو كان السؤال ظاهراً في استعلام حال النبيذ المسكر لمَا أجاب عليه الإمام عليه السلام بذلك، فلاحظ رواية عبد الرحمان بن الحجّاج، ورواية حنان بن سدير، ورواية الكلبّي النسّابة،
[1] وسائل الشيعة 25: 352، الباب 22 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 5