فالعصير الزبيبيّ سمّاه باسم النقيع، وإنّما أطلق النبيذ على العصير التمري.
وفيه: أنّ هذا لا يدلّ على أنّ كلمة «النبيذ» مخصوصة بالتمر، وإنّما هذا مجرّد اتّخاذ تعبيرٍ لكلّ قسم. نعم، لعلّه يدلّ على الأنسبية أو أكثرية الشيوع، وهذا لا يوجب الاختصاص.
وأمّا دعوى الحقيقة الشرعية أو المتشرّعية بنحوٍ تختصّ كلمة «النبيذ» حين تطلق في الروايات بالتمريّ ففيها: أ نّه يبعد هذا الاستقرار في بناء الشرع والمتشرّعة ما ورد في الروايات العديدة من إطلاق الكلمة فيها على الزبيبي، بل في أكثرها- كلمة «أكثرها» تكون لإخراج الرواية الاولى، فإنّها داخلة في ما قبل «بل» دون ما بعد «بل»- استعملت الكلمة في الزبيبيّ بلا قرينة، ثم يعلم صدفةً من ذيل الحديث أ نّه اريد به الزبيبيّ.
ففي رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: شكوت إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام قراقر تصيبني في معدتي، وقلّة استمرائي الطعام، فقال لي: «لم لا تتّخذ نبيذاً نشربه نحن وهو يمرئ الطعام ويذهب بالقراقر والرياح من البطن؟»، قال: فقلت له: صفه لي جعلت فداك، قال: «تأخذ صاعاً من زبيبٍ فتنقيه من حبّه وما فيه …
إلى آخر الحديث»[1].
فقد اطلق في هذه الرواية «النبيذ» على المتّخذ من الزبيب.
وفي رواية حنان بن سدير، قال: سمعت رجلًا يقول لأبي عبد اللَّه عليه السلام:
ما تقول في النبيذ، فإنّ أبا مريم يشربه ويزعم أنّك أمرته بشربه؟ فقال: «صدق أبو مريم، سألني عن النبيذ فأخبرته أ نّه حلال، ولم يسألني عن المسكر»، ثمّ قال: «إنّ المسكر ما اتّقيت فيه أحداً سلطاناً ولا غيره، قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:
[1] وسائل الشيعة 25: 290، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 4