عليها، فاستأذنت على أبي عبد اللَّه عليه السلام، فدخلت عليه وسلّمت عليه، وتمكّنت من مجلسي، قال: فقلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّي رجل من بني الحارث بن كعب، وقد هداني اللَّه عزّوجلّ إلى محبّتكم ومودّتكم أهل البيت، قال: فقال لي: «وكيف اهتديت إلى مودّتنا أهل البيت؟ فواللَّه إنّ محبّتنا في بني الحارث بن كعب لقليل!».

قال: فقلت له: جعلت فداك، إنّ لي غلاماً خراسانياً وهو يعمل القصارة، وله (همشهريجون) أربعة، وهم يتداعون كلّ جمعةٍ لتقع الدعوة على رجلٍ منهم فيصيب غلامي كلّ خمسٍ جمعة، فيجعل لهم النبيذ واللحم، قال: ثم إذا فرغوا من الطعام واللحم جاء بإجانةٍ فملأها نبيذاً، ثمّ جاء بمطهّرةٍ فإذا ناول إنساناً منهم قال: لا تشرب حتّى تصليّ على محمدٍ وآل محمد، فاهتديت إلى مودّتكم بهذا الغلام، قال: فقال لي: «استوصِ به خيراً، واقرأه منّي السلام، وقل له: يقول لك جعفر بن محمد: انظر شرابك هذا الذي تشربه، فإن كان يسكر كثيره فلا تقربنّ قليله، فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: كلّ مسكرٍ حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام».

قال: فجئت إلى الكوفة، وأقرأت الغلام السلام من جعفر بن محمد عليه السلام، قال: فبكى، ثمّ قال لي: اهتمّ بي جعفر بن محمد عليه السلام حتّى يقرئني السلام؟ قال:

قلت: نعم، وقد قال لي: قل له انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربنّ قليله، فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: كلّ مسكرٍ حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وقد أوصاني بك، فاذهب فأنت حرّ لوجه اللَّه تعالى، قال: فقال الغلام:

واللَّه إنّه لشراب ما يدخل جوفي ما بقيت في الدنيا[1].

 

[1] الكافي 6: 411، الحديث 16، وفيه: كلّ خمس جمع جمعة. ووسائل الشيعة 25: 340، الباب 17 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 9