ومنها: رواية الكلبيّ النسّابة، أ نّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن النبيذ، فقال:

«حلال». فقال: إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك، فقال: «شه شه تلك الخمرة المنتنة!» قلت: جعلت فداك، فأيّ نبيذٍ تعني؟ فقال: «إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله تغيّر الماء وفساد طبائعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كفٍّ من تمرٍ فيقذف (فيلقيه- خ ل) به في الشنّ، فمنه شربه ومنه طهوره»، فقلت: وكم كان عدد التمر الذي في الكفّ؟ قال:

«ما حمل الكفّ»، فقلت: واحدة أو اثنتين؟ فقال: «ربّما كانت واحدة، وربّما كانت اثنتين»، فقلت: وكم كان يسع الشنّ ماءً؟ فقال: «ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك»، فقلت: بأي الأرطال؟ فقال: «أرطال مكيال العراق»[1].

فالإمام عليه السلام يحكم أوّلًا بحلّية النبيذ، ثمّ يقول: إنّنا نضع فيه الخميرة، فيحكم بالحرمة لأنّه مسكر، فيستفاد أنّ المناط هو الإسكار، بناءً على أنّ النبيذ يشمل الزبيبي، لكن بقرينة ذيل الحديث يعرف أنّ النظر إلى غير المطبوخ.

ومنها: رواية أيّوب بن راشد، قال: سمعت أبا البلاد يسأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن النبيذ، فقال: «لا بأس به»، فقال: إنّه يصنع (يوضع) فيه العكر، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «بئس الشراب، ولكن انتبذه غدوةً واشربه بالعشي»، فقلت:

هذا يفسد بطوننا، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أفسد لبطنك أن تشرب ما لا يحلّ لك»[2].

فهذه الرواية أيضاً بقرينة قوله: «أنبذه غدوةً واشربه في العشي» ظاهر في‏

 

[1] وسائل الشيعة 1: 203، الباب 2 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2

[2] وسائل الشيعة 25: 275، الباب 30 من أبواب الأشربة المباحة، الحديث 1