والرجوع إلى ما اشير إليه في الدليل الأوّل من عمومات الحلّ.
الدليل الثالث: ما دلّ من الروايات على أنّ مناط التحريم في النبيذ هو الإسكار، وهذا يدلّ بظهوره على أ نّه بلا إسكارٍ لا يوجد تحريم، فيقع طرفاً للمعارضة مع موثّقة عمّار التي دلّت- حسب الفرض- على حرمة العصير الزبيبيّ المطبوخ، سواء أسكر أو لا، وهذه الروايات بعضها ورد في العصير التمري، وهذا لا ينفعنا، إذ كلامنا في العصير الزبيبي، وبعضها ورد في العصير الزبيبيّ، أو مطلق يشمل الزبيبيّ والتمريّ معاً.
كما أنّ الذي ينفعنا في المقام لإيقاع المعارضة بينه وبين موثّقة عمّار إنّما هو ما ورد في العصير المطبوخ، أو على الأقلّ يشمل بإطلاقه المطبوخ. وأمّا ما يختصّ بما قبل الطبخ فليس له أيّ تعارضٍ مع موثّقة عمّار.
وقبل الشروع في ذكر هذه الروايات نذكر صناعة المطلب على التقادير المتصوّرة في الروايات، ثمّ نشرع في التكلّم في كلّ واحدةٍ من تلك الروايات؛ لنرى أ نّها داخلة في أيّ تقديرٍ من تلك التقادير، وهي تقادير ستّة: اثنان منها لا يفيدانا في مقام إيقاع المعارضة بينها وبين موثّقة عمّار، وهما- كما ظهر ممّا قلناه- عبارة عن تقدير كون الرواية مخصوصةً بالعصير التمري، وتقدير كونها مخصوصةً بما قبل الطبخ. وأربعة منها تفيدنا:
التقدير الأوّل: أن تكون الرواية الدالّة على أنّ المناط في التحريم هو الإسكار مطلقةً من حيث كون النبيذ زبيبياً أو تمريّاً، ومن حيث ما قبل الطبخ وما بعد الطبخ.
الثاني: أن تكون مطلقةً من حيث الزبيبية والتمرية، ومختصّةً بما بعد الطبخ.
الثالث: أن تكون بعكس الثاني، أي: مطلقةً من حيث الطبخ وعدمه، ومختصّة بالزبيب.