قويّ ذكره عدّة من الفقهاء[1]، وهو: أ نّه يشترط في الاستصحاب وحدة الموضوع، تنجيزياً كان أو تعليقياً، والموضوع هنا ليس واحداً، لا بدعوى أنّ الزبيب والعنب اثنان عرفاً، وأ نّه كصيرورة الكلب مِلحاً، فإنّه بالإمكان أن يقال:
إنّ صيرورة العنب زبيباً إنّما هو عبارة عن جفافه، وجفاف الشيء المرطوب لا يوجب عرفاً صيرورته موضوعاً جديداً مغايراً للأول، بل بلحاظ أنّ العصير في القضية المتيقّنة اريد به الماء الأصليّ للعنب، وفي القضية المشكوكة اريد به ماءٌ خارجي ممزوج معه، فقد تعدّد الموضوع، فلا يجري الاستصحاب.
هذا تمام الكلام في أدلّة حرمة العصير الزبيبيّ إذا غلى ولم يكن مسكراً، وقد اتّضح عدم تمامية شيءٍ منها.
وهناك أدلّة على عدم حرمة العصير الزبيبيّ في مقابل أدلّة الحرمة، ننظر فيها لكي نرى هل يتمّ شيء منها أو لا؟ وتظهر فائدتها على تقدير البناء على تمامية بعض الأدلّة السابقة على الحرمة، فيعارض بما دلّ على الحلّية، فقد يتوصّل إلى تقييد دليل الحرمة بصورة الإسكار مثلًا.
وقبل الخوض في أدلّة عدم الحرمة نذكر نكتة، وهي: أنّ ما يعقل من أدلّة الحرمة تقييده بصورة الإسكار بمقتضى أدلّة الحلّية إنّما هو ما يكون من قبيل رواية عمّار الساباطي: سُئِل عن الزبيب كيف يحلّ طبخه حتّى يشرب حلالًا …
إلى آخره[2]. وقد جاء في الجواب قيد ذهاب الثلثين، بناءً على استفادة الحصر من ذلك، فتدلّ بمفهوم الحصر على الحرمة قبل ذهاب الثلثين، وهذا مطلق يشمل فرض الإسكار وعدمه، فيمكن تقييده بفرض الإسكار.
[1] راجع فرائد الاصول 3: 223، وفوائد الاصول 4: 458، ومصباح الاصول 3: 137
[2] وسائل الشيعة 25: 290، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 3