ففي ترجمة زيد الزرّاد قال النجاشيّ: له كتاب، أخبرنا به محمد بن محمد (يعني المفيد وهو ليس قمّيّاً)، قال: حدّثنا جعفر بن محمد (يعني ابن قولويه القمّيّ من كبار القمّيّين)، قال: حدّثني، أبي، وعليّ بن الحسين (يعني أبا الصدوق الذي ضعّف الكتاب)، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي … إلى آخره[1]، فهؤلاء معاصرون للصدوق ولشيخه، أو متقدّمون عليهما حسب اختلاف رتبهم، فكيف يفرض أنّ تزوير تلك الاصول كان واضحاً عند الصدوق وشيخه على مستوى الحسّ، واختفى مع ذلك على هؤلاء الذين عاشوا نفس ظروفه؟
هذا، مضافاً إلى ما أشار إليه ابن الغضائريّ من قرينة خلوّ الطريق من محمد ابن موسى على عدم صحة التهمة، فلا يبعد إذاً وجود أصلٍ لزيدٍ في الجملة.
النقطة الثالثة: هي أ نّه كيف نثبت وجود هذه الرواية في أصل زيد النرسي، فقد وجدت نسخة عتيقة قال عنها المجلسيّ بأ نّها بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي، ولنفرض الآن العلم بأنّ تلك النسخة كانت بخطّ الشيخ منصور، ولكن من الواضح أنّ كتاب زيد النرسيّ ليس من المتواترات التي لا تحتاج إلى سند، فلابدّ من معرفة سند الآبي- الذي هو من تلامذة الطوسي- إلى زيد النرسي، الذي هو من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، بعد الفراغ عن وثاقة الآبيّ نفسه.
وقد جاء في أوّل هذه النسخة على ما في البحار: حدّثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده اللَّه، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا جعفر بن عبد اللَّه العلوي أبو عبد اللَّه المحمدي، قال: حدّثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي[2]. وهذا السند بتمامه
[1] رجال النجاشي: 175، الرقم 461
[2] بحار الأنوار 1: 43