فحسب، اعتقادٌ مركّب يشتمل على اعتقادين: أحدهما وجود الحركة الميكانيكيّة في الطبيعة، والآخر ما عبّرت عنه كلمة «فحسب»، أي تنفي وجود أشكال اخرى للحركة. والاعتقاد الأوّل حقٌّ أبدي، والثاني خطأ أبدي، فأين النسبة؟
ثالثاً: أنّ تطوّر العلوم- بمعنى ازدياد المعارف البشريّة وتكشّف الحقائق أكثر فأكثر، وتضاؤل الأخطاء عبر التجربة البشريّة في الميادين العلميّة- ليس مفهوماً ديالكتيكيّاً، وكونها نسبيّة بالمعنى الذي يفترض أنّ كلّ معرفة تحتوي في أحشائها على نقيضها وأنّ الصراع يطوّرها باستمرار ويوجد فيها الخطأ والصواب.
ولو كانت الماركسيّة تقصد بالمعرفة النسبيّة التطوّر اللاديالكتيكي للعلوم والمعارف بمعنى ازدياد المعلومات تدريجيّاً وتكشّف الحقائق، [فهذا] المعنى بنفسه ينطبق حتّى على تلك المعرفة التي أعفاها أنجلز من النسبيّة، ومنها صفة الأبديّة والأزليّة، وهي «إنّ نابوليون مات في اليوم الخامس من أيّار»، لأنّ هذه المعرفة تنمو وتزداد بالتدريج عبر التتبّع التاريخي لحادثة وفاة نابوليون. فمن خلال التتبّع يكتشف أنّ موته كان في المنفى، وكان بسبب عارضٍ صحّيٍّ معيّن مثلًا، وأنّ مرضه أدّى به إلى الوفاة نتيجة إهمال الآخرين له .. وهكذا تزداد المعلومات في مجالات المعرفة التي استثناها واعترف لها بالأزليّة والأبديّة.
وإن كان يعني النسبيّة والتطوّر بالمفهوم الديالكتيكي الذي يوفّق بين الإثبات والنفي والصواب والخطأ، فهذا ما برهن على إبطاله كتاب «فلسفتنا».