وإن كان هو الثاني، فالفرق بينهما نوعيٌّ بالضرورة، ويحتّم هذا الفرق أن يبقى جزءٌ من الشيء في ذاته- وهو المحور- مستعصياً على المعرفة التجريبيّة للإنسان.
ثامناً: ويقع النجّار في حالة من التشويش وهو يتناول موقفاً من مواقف كتاب «فلسفتنا»[1] تجاه الماركسيّة حين وقف يحاسبها ويطالبها بمبرّرات ثقتها بالتطابق بين الواقع الموضوعي وصورته التي تبدو في أفكارنا وحواسّنا ما دامت هذه الأفكار والأحاسيس تعبّر ماركسيّاً عن تحوّل الحركة الفيزيائيّة للشيء إلى حركة فيزيولوجيّة في حواسّنا، وتحوّل هذه بدورها إلى حركة نفسيّة للفكرة، إذ ليس من الضروري أن تطابق المرحلة الثانية أو الثالثة من الحركة المرحلة الاولى.
فقد علّق النجّار على هذا الموقف قائلًا:
«ينبغي أن نعرف بأنّ الواقع الخارجي ليس هو الذي في أفكارنا وحواسّنا، وإنّما صورته. أي إنّ حواسّنا وأفكارنا صورة تقابل- وليست تماثل- هذا الواقع»[2].
ولا ندري كيف نوفّق بين افتراض أنّ الفكرة صورة للواقع، وافتراض [أ نّها] لا تماثل الواقع، وكيف تكون الفكرة التي لا تماثل الشيء صورةً له!!
ونحن نحيل النجّار إلى كتاب «الاسس المنطقيّة للاستقراء» ليتاح له أن يعرف كيف يمكن أن نثبت التماثل بدرجة معقولة بين الفكر والواقع الموضوعي[3].
[1] انظر فلسفتنا: 198
[2] مجلّة الثقافة: 39
[3] انظر: الاسس المنطقيّة للاستقراء: 527