علاقة بين الحمرة والمرارة والنعومة والرائحة، ولا أيّ مبرّر لصبّ هذه الصفات كلّها في كيان واحد. وهذا المحور الذي تتوحّد في إطاره تلك الظواهر الحسّيّة المتعدّدة هو الجوهر الذي لا يمكن أن يخضع للتجربة الحسّيّة المباشرة.
رابعاً: ويذكر صاحب المقال أنّ كتاب «فلسفتنا» يعيب على الماركسيّة علميّتها، لأنّها تبتّ في مسائل ميتافيزيقيّة وتجيب عليها بالنفي، الأمر الذي يجعلها تتمرّد على حدود الفلسفة العلميّة[1].
ويعلّق على ذلك بأنّ الماركسيّة: «لا بدّ لها أن تتدخّل في هذا اللون من القضايا. إلّاأنّ هذا التدخّل المشروع لا يمكن أن يؤول باعتباره انسياقاً ميتافيزيقيّاً. فهل يمكن للعلم مثلًا اعتباره ميتافيزيقيّاً إذا رفض عالم الجنّ وبتّ بعدم وجوده!»[2].
ونحن لا ندري كيف أسبغ صفة المشروعيّة على هذا التدخّل رغم أنّ النفي لا يقوم على أساس التجربة العلميّة ما دام يتحدّث عن مجال خارج نطاق التجربة المحسوسة. فليس من حقّ الماركسيّة أن تنفي ضمن إطار علميّ وجود خالق مجرّد لهذا العالم.
كما إنّ العلم بوصفه علماً، يكتفي بالقول عن الجنّ إنّي لم أحصل على تجربة تبرهن على وجوده، ولا يمنع ذلك أن يذهب العلم إلى أكثر من ذلك فيبتّ بعدم وجوده، غير أ نّه يصبح عندئذٍ موقفاً شخصيّاً لا علميّاً.
ويحاول النجّار أن يهوّن من قيمة القضايا التي تدخّلت الماركسيّة فيها تدخّلًا ميتافيزيقيّاً قائلًا: «إنّ تعريف الماركسيّة ليس متوقّفاً على موقفها من
[1] انظر فلسفتنا: 119- 120
[2] مجلّة الثقافة: 37