وكأ نّه لم يقرأ ما جاء في كتاب «فلسفتنا» نفسه جواباً على هذا السؤال، إذ يقول:
«إنّ النظام الإسلامي مرّ بتجربة من أروع تجارب النظم الاجتماعيّة وأنجحها، ثمّ عصفت به العواصف بعد أن خلا الميدان من القادة المبدئيّين أو كاد، وبقيت في حدود اناس لم ينضج الإسلام في نفوسهم، ولم يملأ أرواحهم بروحه وجوهره، فعجزت عن الصمود والبقاء، فتقوّض الكيان الإسلامي»[1].
فالتجربة الرائعة هي التطبيق الواعي الذي مارسه النبيّ صلى الله عليه و آله والجيل الأوّل من المسلمين، وقد اعترف صاحب المقال بإيجابيّة هذا التطبيق. وليس ما وقع بعد ذلك إلّاانحرافاً عن المسيرة الحقّة للتجربة، وتحويلًا لها من وجهتها الإسلاميّة، وليس استمراراً في تجسيد التجربة.
وقد حاول النجّار بعد ذلك أن يتّهم السيّد الصدر بالخلط بين الفلسفة اللاهوتيّة والفلسفة الوحيويّة، وتساءل بعد ذلك ما علاقة ابن الرشد- امتداد أرسطو- والفلسفة القديمة بالفلسفة الدينيّة الإسلاميّة؟
وكأ نّه يريد بذلك أن يؤاخذ كتاب «فلسفتنا» على ما يشتمل عليه من آراء وبحوث فلسفيّة تمثّل نماذج فكريّة لفلاسفة أرسطيّين لا صلة لهم بالإسلام!!!
ومرّة اخرى: لو استوعب مهدي النجّار نصّ «فلسفتنا»، لعرف أنّ الكتاب لم يخلط، بل ميّز تمييزاً واضحاً؛ إذ جاء فيه:
«ويحسن بالقارئ العزيز أن يعرف قبل البدء أنّ المستفاد من الإسلام بالصميم إنّما هو الطريقة والمفهوم، أي الطريقة العقليّة في التفكير والمفهوم الإلهي للعالم. وأمّا أساليب الاستدلال وألوان البرهنة على هذا أو ذاك، فلسنا
[1] فلسفتنا: 21