بعضها أو كلّها، فلا تضيف إلى علمنا به شيئاً جديداً سوى إبرازها لتلك العناصر، بحيث تصبح مذكورة ذكراً صريحاً بعد أن كانت متضمّنة، نظير قولك: الأعزب ليس له زوجة، فإنّ هذا الوصف السلبي متضمّن في كلمة الأعزب؛ لأنّ الأعزب هو عبارة عمّن لا زوجة له من الرجال، فلم تضف هذه القضيّة إلى علمنا بالأعزب علماً جديداً وبذلك تكون قضيّة تكراريّة.
ففيما يتّصل ببحثنا الذي نعالجه الآن يحاول المناطقة الوضعيّون من التجريبيّين أن تدرج قضايا الرياضة كلّها في القضايا التكراريّة، ويفسّر الضرورة واليقين فيها على أساس خلوّها عن الإخبار وعقمها عن إعطاء معرفة بالموضوع. ففي الحقيقة الرياضيّة القائلة إنّ 1+ 1/ 2 لا نجد إلّاتكراراً عقيماً؛ لأنّ 2 رمز يدلّ على نفس ما يدلّ عليه 1+ 1، فقد استخدمنا في هذه القضيّة رمزين متكافئين يدلّان على عدد معيّن، وقلنا إنّ أحدهما يساوي الآخر، فهو في قوّة قولنا أنّ 2/ 2، وكذلك الأمر في القضيّة الهندسيّة القائلة أنّ المربّع له أربعة أضلاع، فإنّ الوصف مستبطن في الموضوع، فتكون العمليّة في القضيّة عمليّة اجترار من الموضوع، لا عمليّة تركيب بين الموضوع ووصف جديد.
[مناقشة الموقف الوضعي:]
وهذه الفكرة القائلة بأنّ القضايا الرياضيّة مجرّد تكرار ليست صحيحة في رأينا؛ لأنّ عدداً من القضايا الرياضيّة لا يمكن ادّعاء ذلك فيها، فمثلًا القضايا القائلة إنّ الخطّ المستقيم أقصر خطّ يصل بين نقطتين، لا يمكن القول بأ نّها قضيّة تكراريّة، بل هي قضيّة إخباريّة تركيبيّة؛ لأنّ (الخطّ المستقيم) وهو موضوع القضيّة صفة كيفيّة، و (أقصر خطّ) وهو الوصف الذي منحته القضيّة إيّاه صفة كمّيّة، والصفة الكمّيّة ليست مستبطنة في الصفة الكيفيّة، فالقضيّة إذن إخباريّة، وكذلك