روح الجماعة
: وقد يقال: إنّ أروع مظاهر الإخاء ظهرت في المدينة. ومن واجب الإنصاف أن نذكر الإخاء الكريم الذي كان يعيش فيه المسلمون في مكّة قبل الهجرة … لقد كان أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله يقتسمون الثياب والطعام ويعيشون متكافلين، وما بخل أحدهم بماله ولا عاقه المال عن الهجرة إلى ربّه.
قواعد الحياة الإسلاميّة واحدة
: فالقواعد الأساسيّة التي قامت عليها الحياة الإسلاميّة في مكّة من الإيمان باللَّه واليوم الآخر والعمل الصالح، ومظاهر هذه القواعد من العبادة وقيام الليل وتحمّل الأذى البدني والبذل المالي والمحن النفسيّة … كلّ هذا ظلّ قويّاً في المدينة، وبقي الصحابة على إيمانهم العميق باللَّه وإتقانهم عبادتهم ومداومتهم على تلاوة القرآن والتوبة والاستغفار، وظلّوا يتحمّلون راضين تبعات الدعوة، وزادت عليهم أعباء تنظيم الحياة في المدينة والجهاد في سبيل اللَّه.
الدولة
: وتنظيم المدينة كان قبل كلّ شيء إشاعة الإيمان فيها، وكان الحكم الإسلامي مغرماً لم يعش فيه الصحابة، كأ نّما فرغوا من دور التكوين واستقبلوا عهد التنفيذ …
فهذه الأقسام امور لا يعرفها الإسلام- في ما أعلم-، فأخلاق المسلم في مكّة ظلّت كما هي في المدينة، وكلّ الذي زاد هو عبءٌ جديد يأتي فوق كواهل أرهقها السهر في قيام الليل والسعي في نشر دين اللَّه في أرضه.