الدراسات العلميّة.
والسؤال الأوّل الذي يتعلّق بطريقة الإنتاج ينطوي على جانبين؛ فإنّ طريقة الإنتاج تعني من ناحية: علاقة الإنسان بالطبيعة خلال عمليّات الإنتاج. وتعني من ناحية اخرى: علاقته بغيره من الأفراد في تلك العمليّات.
فالعامل مثلًا ينتج سلعة بآلة يدويّة، أو بخاريّة، أو بجهاز يتحرّك بطاقة كهربائيّة أو ذريّة، وهذه هي علاقته مع الطبيعة. وهو في عمله الإنتاجي هذا قد يشتغل بأداة إنتاج يملكها شخص آخر قد ارتبط به، واتّفق معه على استخدام الأداة، وتقسيم النتاج بينهما بشكلٍ من الأشكال، وهذه هي علاقته الاجتماعيّة بالأفراد الآخرين. فالناحية الاولى التي تحدّد علاقة الشخص بالطبيعة خلال الإنتاج وكيفيّة اشتباكه مع الطبيعة في عمله ليست من اختصاص المذهب، وإنّما هي من وظيفة العلوم الطبيعيّة وعلم الاقتصاد؛ فإنّ هذه العلوم هي التي تحدّد للمجتمع كيفيّة إنتاجه، وتكشف له القوانين الكونيّة التي تتحكّم في عناصر الإنتاج، ومواده وتركيباته، والطواحين اليدويّة والبخاريّة والأدوات التي تشتغل على الكهرباء أو الذرّة، تعبيرات ذات درجات متفاوتة عن المستوى العلمي الذي يعيشه المجتمع، والدرجة التي وصل إليها في العلوم الطبيعيّة. كما أنّ قانون الغلّة المتناقصة، وقانون الغلّة المتزايدة، وما إليها من حقائق علم الاقتصاد، والمتّصلة بالإنتاج، تعبّر عن الضوابط الموضوعيّة التي تتحكّم في الإنتاج، وتؤثّر على الطريقة التي يتمّ بها. ولمّا كانت علاقات الإنسان بالطبيعة خلال الإنتاج ذات طابع علمي خالص، فمن الممكن للمجتمعات المتناقضة مذهبيّاً والمؤمنة بوجهات نظر مختلفة في الحياة، أن تتّفق جميعاً من هذه الناحية إذا كانت من الناحية العلميّة في مستويات متكافئة.
وعلى هذا الأساس لم يتدخّل الإسلام في تلك العلاقات وقوانينها الطبيعيّة، لأنّ ذلك خارج عن اختصاصه بوصفه مبدأً عقائديّاً ومنهجاً فكريّاً في