يقوم في النظريّة الإسلاميّة على أساس العمل، بدون فرق بين الأجر الذي يتقاضاه العامل منك حين يغزل لك صوفك وبين الأجر الذي يتقاضاه مالك المغزل منك حين يقدّم لك المغزل لكي تستخدمه في غزل الصوف؛ فإنّ اجرة العامل مكافأة له على عمله المنفق في المشروع، واجرة المغزل في مقابل عمل أيضاً؛ لأنّ الأداة تجسّد عملًا مختزناً يتحلّل ويتفتّت خلال استخدامها في عمليّة الإنتاج.
فالمغزل مثلًا تجسيد لعمل معيّن جعل من قطعة الخشب الاعتياديّة أداة للغزل. وهذا العمل المختزن فيه ينفق ويستهلك تدريجيّاً خلال عمليّات الغزل، فيكون لصاحب المغزل الحقّ في الحصول على كسب نتيجة لاستهلاك العمل المختزن في الأداة. فالاجرة التي يحصل عليها مالك الأداة هي من نوع الاجرة التي يحصل عليها الأجير. ومردّ الاجرتين معاً إلى كسب يقوم على أساس إنفاق عمل خلال المشروع مع فارق في نوع العمل؛ لأنّ العمل الذي ينفقه الأجير خلال المشروع عمل مباشر متّصل به في لحظة إنفاقه، فهو ينجز وينفق في وقت واحد. وأمّا العمل الذي يستهلك وينفق خلال استخدام أداة الإنتاج، فهو عمل منفصل عن صاحب الأداة قد تمّ إنجازه وإعداده سابقاً لكي ينفق ويستهلك بعد ذلك في عمليّات الإنتاج.
وبهذا نعرف أنّ العمل المنفق الذي اعتبرته النظريّة الأساس لاستحقاق الأجر ليس هو العمل المباشر فحسب، بل يشمل العمل المختزن أيضاً.
وعلى ضوء هذا الأساس العام للأجر في النظريّة الإسلاميّة نستطيع أن نفسّر الفرق بين وسائل الإنتاج وبين رأس المال النقدي؛ فإنّ استخدام المغزل بوصفه أداة إنتاج كان يؤدّي إلى إنفاق العمل المختزن فيه، ولهذا صحّ لصاحب المغزل أن