المنتج للسلعة وحده. وأمّا وسائل الإنتاج المادّيّة التي يستخدمها الإنسان في عمليّة الإنتاج من أرض ورأس مال وسائر الأدوات والآلات، فلا نصيب لها من الثروة المنتجة، وإنّما هي وسائل تقدّم للإنسان العامل في الإنتاج خدمات في تذليل الطبيعة وإخضاعها لأغراض الإنتاج. فإذا كانت تلك الوسائل ملكاً لفردٍ آخر[1] غير العامل المنتج، كان على الإنتاج أن يكافئ الفرد الذي يملك تلك الوسائل على الخدمات التي جناها المنتج عن طريقها.
فالفارق إذاً كبير بين النظريّة الرأسماليّة لتوزيع السلع المنتجة التي تجعل من العامل البشري عنصراً من عناصر الإنتاج على مستوى سائر العناصر وبين النظريّة الإسلاميّة بها بهذا الشأن.
ومردّ هذا الفرق يرجع إلى اختلاف النظرتين الرأسماليّة والإسلاميّة في تحديد مركز الإنسان في عمليّة الإنتاج؛ فإنّ مركز الإنسان في النظرة الرأسماليّة هو مركز الوسيلة التي تخدم الإنتاج لا الغاية التي يخدمها الإنتاج، ولهذا يتلقّى الإنسان المنتج نصيبه بوصفه وسيلة في الإنتاج على مستوى سائر الوسائل المادّيّة. وأمّا مركز الإنسان في النظرة الإسلاميّة فهو يركّز الغاية لا الوسيلة، فليس هو في مستوى سائر الوسائل المادّيّة لتوزيع الثروة المنتجة بيد الإنسان وتلك الوسائل جميعاً على نسق واحد، بل إنّ الوسائل الماديّة تعتبر خادمة للإنسان في إنجاز عمليّة الإنتاج، لأنّ عمليّة الإنتاج نفسها إنّما هي لأجل الإنسان.
وهكذا يفرض مركز الوسائل الماديّة في النظرة الإسلاميّة أن تتقاضى مكافأتها من الإنسان المنتج إذا كانت مملوكة لغيره بوصفها خادمة له، لا من
[1] في المصدر:« للفرد والآخر»