مساحة ممكنة من الأرض وحمايتها من الآخرين. وهذا يعني أنّ حيازة الأرض وما إليها من مصادر الطبيعة ليست عملًا ذا صفة اقتصاديّة من أعمال الانتفاع والاستثمار، وإنّما هي عمليّة تحصين لمورد طبيعي وحمايته من تدخّل الآخرين فيه.
وعلى العكس من ذلك حيازة الخشب والحجر والماء، فإنّها ليست عمل قوّة وإنّما هي بطبيعتها عمل اقتصادي من أعمال الانتفاع والاستثمار. ولهذا رأينا أنّ الإنسان المنفرد في حياته يمارس هذا اللون من الحيازة بالرغم من تحرّره عن كلّ واقع من دوافع القوّة واستعمال العنف.
وهكذا نعرف أنّ حيازة الأشياء المنقولة من ثروات الطبيعة ليست مجرّد عمل من أعمال القوّة، وإنّما هي في الأصل عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار يمارسه الإنسان ولو لم يوجد لديه أيّ مبرّر لاستعمال القوّة.
ونخرج من ذلك كلّه بنتيجة؛ وهي أنّ الصفة الاقتصاديّة للعمل شرط ضروري في إنتاجه للحقوق الخاصّة، فلا يكون العمل مصدراً لتملّك المال ما لم يكن بطبيعته من أعمال الانتفاع والاستثمار.
دور العمل في نظريّة التوزيع:
عرفنا أنّ العمل هو الأساس لاكتساب الفرد الحقوق والملكيّات الخاصّة في الثروة الطبيعيّة الخام. كما عرفنا أيضاً أنّ العمل لا يعتبر في نظريّة التوزيع عملًا إلّا إذا كان ذا صفة اقتصاديّة، أي من أعمال الانتفاع والاستثمار. وما دام العمل هو الأساس للحقوق الخاصّة، فمن الطبيعي أن يستمرّ الحقّ الخاصّ والملكيّة الخاصّة ما دام العمل الاقتصادي قائماً ومستمرّاً، وأن يزول الحقّ الخاصّ بانقطاع