المتقدّمة التي استعرضناها من الفقه الإسلامي، ولكنّ النظريّة لا تعترف بالحيازة بوصفها عملًا، ولا تسمح بقيام الحقوق الخاصّة على أساسها في الأرض والمنجم والينابيع الطبيعيّة للماء، فلا يكفي مثلًا لكي تختصّ بأرض أن تسيطر عليها وتضمّها إلى حوزتك. ولهذا ألغى الإسلام الحمى كما مرّ في شواهد الجانب السلبي للنظريّة من الفقه الإسلامي، بل لا بدّ لك في سبيل اكتساب حقوق خاصّة في الأرض أن تجسّد جهودك فيها بالإحياء.
ولأجل هذا يجب أن نتساءل: لماذا اعتبرت الحيازة عملًا وسبباً كافياً لتملّك الحجر أو الماء، بينما لم تكن حيازة الأرض أو المعدن عملًا ولا مبرّراً لاكتساب أيّ حقّ خاصّ.
والجواب على هذا التساؤل هو أنّ النظريّة الإسلاميّة للتوزيع تميّز بين نوعين من الأعمال: أحدهما الانتفاع والاستثمار؛ والآخر الاحتكار والاستثمار. فأعمال الانتفاع والاستثمار ذات صفة اقتصاديّة بطبيعتها، وأعمال الاحتكار والاستثمار تقوم على أساس القوّة ولا تحقّق انتفاعاً ولا استثماراً مباشراً.
ومصدر الحقوق الخاصّة في النظريّة هو العمل، الذي ينتمي إلى النوع الأوّل كإحياء الأرض الميتة؛ وأمّا النوع الثاني من العمل فلا قيمة له، لأنّه مظهر من مظاهر القوّة وليس نشاطاً اقتصاديّاً من نشاطات الانتفاع والاستثمار للطبيعة وثروتها، والقوّة لا تكون مصدراً للحقوق الخاصّة ولا مبرّراً كافياً لها.
وعلى أساس التمييز بين هذين النوعين من الأعمال قوام التفرقة بين حيازة الثروات المنقولة وحيازة المصادر الطبيعيّة؛ إذ تعتبر حيازة الحجر بحمله من الصحراء، والخشب باحتطابه من الغابة، والماء باغترافه من النهر، عملا