وهنا نصل إلى ما يقال من أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام من أبناء الحسين عليه السلام اعتزلوا الحياة السياسيّة وانقطعوا عن الدنيا، فنلاحظ أنّ التشيّع بعد أن فهمناه كصيغة لمواصلة القيادة الإسلامية، والقيادة الإسلامية لا تعني إلّاممارسة عمليّة التغيير التي بدأها الرسول الكريم صلى الله عليه و آله لتكميل بناء الامّة على أساس الإسلام، فليس من الممكن أن نتصوّر تنازل الأئمّة عليهم السلام عن الجانب السياسي إلّاإذا تنازلوا عن التشيّع.
غير أنّ الذي ساعد على تصوّر اعتزال الأئمّة عليهم السلام وتخلّيهم عن الجانب السياسي من قيادتهم ما بدا من عدم إقدامهم على عمل مسلح ضدّ الوضع القائم وإعطاء الجانب السياسي من القيادة معنى ضيّقاً لا ينطبق إلّاعلى عمل مسلّح من هذا القبيل.
ولدينا نصوص عديدة عن الأئمّة عليهم السلام توضّح أنّ إمام الوقت دائماً كان مستعدّاً لخوض عمل مسلّح إذا وجدت لديه القناعة بوجود الأنصار والقدرة على تحقيق الأهداف الإسلامية من وراء ذلك العمل المسلّح[1].
ونحن إذا تتبّعنا سير الحركة الشيعيّة نلاحظ أنّ القيادة الشيعيّة المتمثّلة في أئمّة أهل البيت عليهم السلام كانت تؤمن بأنّ تسلّم السلطة وحده لا يكفي ولا يمكّن من تحقيق عمليّة التغيير إسلاماً، ما لم تكن هذه السلطة مدعمة بقواعد شعبية واعية تعي أهداف تلك السلطة، وتؤمن بنظريّتها في الحكم، وتعمل في سبيل حمايتها وتفسير مواقفها للجماهير، وتصمد في وجه الأعاصير.
وفي نصف القرن الأوّل بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله كانت القيادة الشيعية- بعد
[1] الكافي 1: 242