فهرست

61

هو الذي جاء به إلى السلطة عقيب قتل عثمان‏[1]، وهذا الولاء ليس تشيّعاً روحياً ولا سياسيّاً؛ لأنّ التشيّع يؤمن بعليّ كبديل عن الخلفاء الثلاثة وخليفة مباشر للرسول صلى الله عليه و آله، فالولاء الواسع للإمام في صفوف المسلمين أوسع نطاقاً من التشيّع الحقيقي الكامل، وإن نما التشيّع الروحي والسياسي الكامل داخل إطار هذا الولاء فلا يمكن أن نعتبره مثالًا على التشيّع المجزّأ.

كما أنّ الإمام عليه السلام كان يتمتّع بولاء روحي وفكري من عدد من كبار الصحابة في عهد أبي بكر وعمر، من قبيل سلمان وأبي ذرّ وعمّار وغيرهم، ولكن هذا لا يعني أيضاً تشيّعاً روحيّاً منفصلًا عن الجانب السياسي، بل إنّه تعبير عن إيمان اولئك الصحابة بقيادة الإمام عليّ عليه السلام للدعوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله فكريّاً وسياسيّاً. وقد انعكس إيمانهم بالجانب الفكري من هذه القيادة بالولاء الروحي المتقدّم. وانعكس إيمانهم بالجانب السياسي منها بمعارضتهم لخلافة أبي بكر[2] وللاتّجاه الذي أدّى إلى صرف السلطة عن الإمام عليه السلام إلى غيره.

ولم تنشأ في الواقع النظرة التجزيئية للتشيّع الروحي بصورة منفصلة عن التشيّع السياسي، ولم تولد في ذهن الإنسان الشيعي إلّابعد أن استسلم إلى الواقع وانطفأت جذوة التشيّع في نفسه كصيغة محدّدة لمواصلة القيادة الإسلامية في بناء الامّة وإنجاز عمليّة التغيير الكبيرة التي بدأها الرسول الكبير صلى الله عليه و آله‏ وتحوّلت إلى مجرّد عقيدة يطوي الإنسان عليها قلبه ويستمدّ منها سلوته وأمله.

 

[1] نهج البلاغة: 49، الخطبة( 3)، وراجع تاريخ الطبري 4: 427- 428

[2] الاحتجاج 1: 186