واقعاً موضوعياً في حركة التاريخ، هي اتّجاهات ولكنّها مرنة تقبل التحدّي لكنّها تحطّم المتحدي، حينما يتحدّى هذا المتحدّي تحطّمه بسنن التاريخ نفسها، ومن هنا كانت اتجاهات، هناك أشياء يمكن تحدّيها دون أن يتحطّم المتحدي، لكن هناك أشياء يمكن أن تتحدّى على شوط قصير ولكن المتحدّي يتحطّم على يد سنن التاريخ نفسها، هذه هي طبيعة الاتّجاهات الموضوعية في حركة التاريخ.
لكي اقرّب الفكرة إليكم نستطيع أن نقول بأنّ هناك اتّجاهاً في تركيب الإنسان وفي تكوين الإنسان، اتّجاهاً موضوعياً لا تشريعياً إلى إقامة العلاقات المعينة بين الذكر والانثى في مجتمع الإنسان ضمن إطار من اطر النكاح والاتّصال، هذا الاتّجاه ليس تشريعاً، ليس تقنيناً اعتبارياً وإنّما هو اتّجاه موضوعي اعملت العناية في سبيل تكوينه في مسار حركة الإنسان. لا نستطيع أن نقول: إنّ هذا مجرّد قانون تشريعي، مجرّد حكم شرعي، لا وإنّما هذا اتّجاه ركّب في طبيعة الإنسان وفي تركيب الإنسان، وهو الاتّجاه إلى الاتّصال بين الذكر والانثى وإدامة النوع عن طريق هذا الاتّصال ضمن إطار من اطر النكاح الإجتماعي.
هذه سنّة، لكنها سنة على مستوى الاتّجاه لا على مستوى القانون. لماذا؟
لأنّ التحدّي لهذه السنّة لحظة أو لحظات ممكن. أمكن لقوم لوط أن يتحدّوا هذه السنّة فترة من الزمن، بينما لم يكن بإمكانهم أن يتحدّوا سنّة الغليان بشكل من الأشكال، لكنهم تحدّوا هذه السنّة إلّاأنّ تحدّي هذه السنة يؤدّي إلى أن يتحطم المتحدّي. المجتمع الذي يتحدّى هذه السنة يكتب بنفسه فناء نفسه؛ لأنّه يتحدّى ذلك عن طريق ألوان اخرى من الشذوذ التي رفضها هذا الاتّجاه الموضوعي، وتلك الألوان من الشذوذ تؤدّي إلى فناء المجتمع وإلى خراب المجتمع. ومن هنا كان هذا اتّجاهاً موضوعياً يقبل التحدّي على شوط قصير، لكن لا يقبل التحدّي