الأول من أشكال السنة التاريخية الذي تصاغ فيه السنة التاريخية بوصفها قضية شرطية.
وكثيراً ما تكون هذه القضية الشرطية في شرطها معبّرة عن إرادة الإنسان واختيار الإنسان، يعني أنّ اختيار الإنسان يمثّل محور القضية الشرطية، شرط القضية الشرطية. إذن فالقضية الشرطية كالأمثلة التي ذكرناها من القرآن الكريم تتحدّث عن علاقة بين الشرط والجزاء، لكن ما هو الشرط؟ الشرط هو فعل الإنسان، هو إرادة الإنسان: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ»[1]. التغيير هنا اسند إليهم فهو فعلهم، إبداعهم وارادتهم.
إذن السنة التاريخية حينما تصاغ بلغة القضية الشرطية، وحينما يحتلّ إبداع الإنسان واختيار الإنسان موضوع الشرط في هذه القضية الشرطية، في مثل هذه الحالة تصبح هذه السنة متلائمة تماماً مع اختيار الإنسان، بل إنّ السنة حينئذٍ تطغي اختيار الإنسان، تزيده اختياراً وقدرة وتمكّناً من التصرف في موقفه، كيف أنّ ذلك القانون الطبيعي للغليان كان يزيد من قدرة الإنسان؛ لأ نّه يستطيع حينئذٍ أن يتحكّم في الغليان بعد أن عرف شروطه وظروفه، كذلك السنن التاريخية ذات الصيغ الشرطية، هي في الحقيقة ليسيت على حساب إرادة الإنسان، وليست نقيضاً لاختيار الإنسان، بل هي مؤكدة لاختيار الإنسان، وتوضح للإنسان نتائج الاختيار لكي يستطيع أن يقتبس ما يريده من هذه النتائج، لكي يستطيع أن يتعرف على الطريق الذي يسلك به إلى هذه النتيجة أو إلى تلك النتيجة، فيسير على ضوء وكتاب منير. هذا هو الشكل الثاني للسنة التاريخية.
[1] الرعد: 11