أمثلة وشواهد في القوانين الطبيعية والكونية. مثلًا: العالم الفلكي حينما يصدر حكماً علمياً على ضوء قوانين مسارات الفلك بأنّ الشمس سوف تنكسف في اليوم الفلاني أو أنّ القمر سوف ينخسف في اليوم الفلاني، هذا قانون علمي وقضية علمية، إلّاأ نّها قضية وجودية ناجزة، ليست قضية شرطية. لا يملك الإنسان اتّجاه هذه القضية أن يغيّر من ظروفها، أن يعدّل من شروطها؛ لأنّها لم تُبيّن كلغة قضية شرطية، وإنّما بيّنت على مستوى القضية الفعلية الوجودية: الشمس سوف تنكسف، القمر سوف ينخسف. هذه قضية فعلية تنظر إلى الزمان الآتي وتخبر عن وقوع هذه الحادثة على أي حال.
كذلك الأنواء الجوية، القرارات العلمية التي تصدر عن الأنواء الجوية:
المطر ينهمر على المنطقة الفلانية. هذا أيضاً يعبر عن قضية فعلية وجودية لم تُصغ بلغة القضية الشرطية، وإنّما صيغت بلغة التنجيز والتحقيق بلحاظ مكان معين وزمان معين. هذا هو الشكل الثاني من السنن التاريخية، وسوف اشير فيما بعد إن شاء اللَّه تعالى- عند تحليل عناصر المجتمع- إلى أمثلة هذا الشكل من القرآن الكريم[1].
هذا الشكل من السنن التاريخية هو الذي أوحى في الفكر الاوروبي بتوهّم التعارض بين فكرة سنن التاريخ وفكرة اختيار الإنسان وإرادته. نشأ هذا التوهّم الخاطىء الذي يقول بأنّ فكرة سنن التاريخ لا يمكن أن تجتمع إلى جانب فكرة اختيار الإنسان؛ لأنّ سنن التاريخ هي التي تنظّم مسار الإنسان وحياة الإنسان، إذن ماذا يبقى لإرادة الإنسان؟
[1] من الجدير بالذكر أن السيد الشهيد قدس سره لم يصرّح في بحثه لعناصر المجتمع بمصاديق الشكل الثاني