بُعد من ناحية الأرضية وامتداد الموج، ما يسمّونه ب «العلّة المادية».
هذا العمل ذو الأبعاد الثلاثة هو موضوع سنن التاريخ، هذا هو عمل المجتمع.
المجتمع ليس كائناً في قبال الفرد:
لكن لا ينبغي أن يوهم ذلك ما توهّمه عدد من المفكرين الفلاسفة الاوروبيين من أنّ المجتمع كائن عملاق له وجود وحدوي عضوي متميّز عن سائر الأفراد، وكل فرد ليس إلّابمثابة الخلية في هذا العملاق الكبير.
هكذا تصوّر (هيجل) مثلًا وجملة من الفلاسفة الاوروبيين، تصوّروا عمل المجتمع بهذا النحو، أرادوا أن يميّزوا بين عمل المجتمع وعمل الفرد، فقالوا بأنه يوجد عندنا كائن عضوي واحد عملاق، هذا الكائن الواحد هو في الحقيقة يلفّ في أحشائه كل الأفراد، تندمج في كيانه كل الأفراد، كل فرد يشكل خلية في هذا العملاق الواحد، وهو يتّخذ من كل فرد نافذة على الواقع، على العالم بقدر ما يمكن أن يجسّد في هذا الفرد من قابلياته هو، ومن إبداعه هو. إذن كل قابلية وكل إبداع وكل فكر هو قابلية ذلك العملاق وإبداع ذلك العملاق وفكر ذلك العملاق الطاغية، وكل فرد إنّما هو تعبير عن نافذة من النوافذ التي يعبّر عنها ذلك العملاق الهيجلي.
هذا التصور اعتقد به جملة من الفلاسفة الاوروبيين تمييزاً لعمل المجتمع عن عمل الفرد، إلّاأنّ هذا التصور ليس صحيحاً ولسنا بحاجة إليه، إلى الإغراق في الخيال إلى هذه الدرجة لكي ننحت هذا العملاق الاسطوري من هؤلاء الأفراد، ليس عندنا إلّاالأفراد، إلّازيد وبكر وخالد، ليس عندنا ذلك العملاق المستتر من ورائهم. طبعاً مناقشة (هيجل) من الزاوية الفلسفية يخرج عن حدود