والإيمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله. هذا هو الإحضار الفردي. قال اللَّه سبحانه وتعالى: «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً* لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَ عَدَّهُمْ عَدًّا* وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً»[1]. هذا الإحضار إحضار فردي بين يدي اللَّه سبحانه وتعالى.
وهناك إحضار آخر، إحضار للفرد في وسط الجماعة، إحضار للُامة بين يدي اللَّه، كما يوجد هناك سجلّان، كذلك يوجد إحضاران كما تقدم. ترى كل امّة جاثية، كل امّة تدعى إلى كتابها. ذاك إحضار للجماعة، والمستأنس به من سياق الآيات الكريمة أنّ هذا الإحضار الثاني يكون من أجل إعادة العلاقات إلى نصابها الحق. العلاقات في داخل كل امّة قد تكون غير قائمة على أساس الحق، قد يكون الإنسان المستضعف فيها جديراً بأن يكون في أعلى الامّة، هذه الامّة تعاد فيها العلاقات إلى نصابها الحق. هذا هو اليوم الذي سمّاه القرآن الكريم بيوم التغابن، كيف يحصل التغابن؟ يحصل التغابن عن طريق اجتماع المجموعة ثم كل إنسان كان مغبوناً في موقعه في الامّة، في وجوده في الامّة، بقدر ما كان مغبوناً في موقعه في الامّة يأخذ حقّه، يأخذ حقّه يوم لا كلمة إلّاللحق. استمعوا إلى قوله تعالى: «يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ»[2].
إذن فهناك سجلّان: هناك سجلّ لعمل الفرد، وهناك سجلّ لعمل الامّة، وعمل الامّة هو عبارة عمّا قلناه من العمل الذي يكون له ثلاثة أبعاد:
بُعد من ناحية العامل، ما يسميه أرسطو ب «العلّة الفاعلية».
بُعد من ناحية الهدف، ما يسميه أرسطو ب «العلّة الغائية».
[1] مريم: 93- 95
[2] التغابن: 9