التي يكون هذا الفرد جزءاً منها.
طبعاً الأمواج على اختلاف درجاتها، هناك موج محدود، هناك موج كبير، لكن العمل لا يكون عملًا تاريخياً إلّاإذا كان له موج يتعدّى حدود العامل الفردي. قد يأكل الفرد إذا جاع، قد يشرب إذا عطش، قد ينام إذا أحسّ بحاجة إلى النوم، لكن هذه الأعمال على الرغم من أ نّها أعمال هادفة أيضاً تريد أن تحقق غايات، ولكنها أعمال لا يمتد موجها أكثر من العامل، خلافاً لعمل يقوم به الإنسان من خلال نشاط اجتماعي وعلاقات متبادلة مع أفراد جماعته.
التاجر حينما يعمل عملًا تجارياً، القائد حينما يعمل عملًا حربياً، السياسي حينما يمارس عملًا سياسياً، المفكر حينما يتبنّى وجهة نظر في الكون والحياة، هذه الأعمال لها موج يتعدّى شخص العامل، هذا الموج يتّخذ من المجتمع أرضية له أيضاً. يمكن أن نستعين بمصطلحات الفلاسفة فنقول: المجتمع يشكل علّة مادية لهذا العمل. نتذكّر من مصطلحات الفلاسفة التمييز الأرسطي بين العلّة الفاعلية والعلّة الغائية والعلّة المادية. هنا نستعين بهذه المصطلحات لتوضيح الفكرة: يعني المجتمع يشكّل علّة مادية لهذا العمل، أرضية لهذا العمل. في حالة من هذا القبيل يعتبر هذا العمل عملًا تاريخياً، يعتبر عملًا للُامة، عملًا للمجتمع وإن كان الفاعل المباشر له في جملة من الأحيان لا يكون إلّافرداً واحداً أو يكون مجموعة أو عدداً من الأفراد، ولكن باعتبار الموج يعتبر عمل المجتمع.
إذن العمل التاريخي الذي تحكمه سنن التاريخ هو العمل الذي يكون حاملًا لعلاقة مع هدف وغاية، ويكون في نفس الوقت ذا أرضية أوسع من حدود الفرد، ذا موج يتّخذ من المجتع علّة مادّية له وبهذا يكون عمل المجتمع.
الفرق بين عمل الفرد وعمل الجماعة:
وفي القرآن الكريم نجد تمييزاً بين عمل الفرد وعمل المجتمع، ونلاحظ في