«بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ* وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ»[1].
هذه علاقة قائمة بين النبّوة على مرّ التاريخ وبين موقع المترفين والمسرفين في الامم والمجتمعات. هذه العلاقة تمثّل سنّة من سنن التاريخ، ليست ظاهرة وقعت في التاريخ صدفة وإلّا لما تكرّرت بهذا الشكل المطّرد، لما قال:
«ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها». إذن هناك علاقة سلبية، هناك علاقة تطارد وتناقض بين موقع النبّوة الإجتماعي في حياة الناس على الساحة التاريخية والموقع الإجتماعي للمترفين والمسرفين، هذه العلاقة ترتبط في الحقيقة بدور النبوّة في المجتمع ودور المترفين والمسرفين في المجتمع، هذه العلاقة جزء من رؤية موضوعية عامة للمجتمع، كما سوف يتضح إن شاء اللَّه حينما نبحث عن دور النبوّة في المجتمع والموقع الإجتماعي للنبوّة، سوف يتّضح حينئذٍ أنّ النقيض الطبيعي للنبوّة هو موقع المترفين والمسرفين. إذن هذه سنّة من سنن التاريخ.
«وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً* وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَ كَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً»[2].
هذه الآية أيضاً تتحدّث عن علاقة معيّنة، علاقة معيّنة بين ظلم يسود وظلم
[1] الزخرف: 22- 23. وهاتان الآيتان أوردهما السيد الشهيد قدس سره بعد الآية 16 من سورة الجنّ، والظاهر أنّ هذا هو الموضع المناسب لهما
[2] الإسراء: 16- 17