اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ»[1].
يستنكر عليهم أن يأملوا في أن يكون لهم استثناء من سنة التاريخ، هل تطمعون أن يكون لكم استثناء من سنة التاريخ، أن تدخلوا الجنة وأن تحققوا النصر وأنتم لم تعيشوا ما عاشته تلك الامم التي انتصرت ودخلت الجنة من ظروف البأساء والضرّاء التي تصل إلى حدّ الزلزال على ما عبّر القرآن الكريم؟ إنّ هذه الحالات، حالات البأساء والضراء التي تتعملق على مستوى الزلزال هي في الحقيقة مدرسة للُامة، هي امتحان لإرادة الامّة، لصمودها، لثباتها، لكي تستطيع بالتدريج أن تكتسب القدرة على أن تكون امّة وسطاً في الناس.
إذن نصر اللَّه قريب، لكن نصر اللَّه له طريق. هكذا يريد أن يقول القرآن، نصر اللَّه ليس أمراً عفوياً، ليس أمراً على سبيل الصدفة، ليس أمراً عمياوياً، نصر اللَّه قريب ولكن اهتدِ إلى طريقه، الطريق ولابد أن تعرف فيه سنن التاريخ، لابدّ وأن تعرف فيه منطق التاريخ لكي تستطيع أن تهتدي إلى نصر اللَّه سبحانه وتعالى.
قد يكون الدواء قريباً من المريض لكن إذا كان هذا المريض لا يعرف تلك المعادلة العلمية التي تؤدي إلى إثبات أنّ هذا الدواء يقضي على جرثومة هذا الداء، لا يستطيع أن يستعمل هذا الدواء حتى ولو كان قريباً منه.
إذن الاطلاع على سنن التاريخ هو الذي يمكّن الإنسان من التوصّل إلى النصر، فهذه الآية تستنكر على المخاطبين لها أن يكونوا طامعين في الاستثناء من سنن التاريخ.
«وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ* وَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ»[2].
[1] البقرة: 214
[2] سبأ: 34- 35