حلّ هذا البلاء لم يختصّ بالظالمين من المجتمع الإسلامي، وقتئذٍ شمل الحسين عليه الصلاة والسلام، أطهر الناس، أزكى الناس، أطيب الناس، أعدل الناس، شمل الإمام المعصوم عليه الصلاة والسلام، قتل بتلك القتلة الفظيعة هو وأصحابه وأهل بيته.
هذا كلّه هو منطق سنة التاريخ: العذاب حينما يأتي في الدنيا على مجتمع وفق سنن التاريخ لا يختص بخصوص الظالمين من أبناء مجتمع، ولهذا قال القرآن الكريم في آية اخرى: «وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ»[1]، بينما يقول في موضع آخر: «وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى»[2]. فالعقاب الاخروي دائماً ينصبّ على العامل مباشرة، وأمّا العقاب الدنيوي فيكون أوسع من ذلك.
إذن هاتان الآيتان الكريمتان تتحدثان عن سنن التاريخ لا عن العقاب بالمعنىالاخروي والعذاب بمعنى مقاييس يوم القيامة، بل عن سنن التاريخ وما يمكن أن يحصل نتيجة كسب الامّة، سعي الامّة، جهد الامّة.
«وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا* سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا»[3].
هذه الآية الكريمة أيضاً تؤكد المفهوم العام، يقول: «وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا» هذه سنّة سلكناها مع الأنبياء من قبلك وسوف تستمر ولن تتغير. أهل مكة يحاولون أن يستفزُوك لتخرج من مكة؛ لأنّهم عجزوا عن إمكانية القضاء
[1] الأنفال: 25
[2] فاطر: 18
[3] الإسراء: 76- 77