يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً»[1].
في هاتين الآيتين الكريمتين تحدّث القرآن الكريم عن أ نّه لو كان [اللَّه] يريد أن يؤاخذ الناس بظلمهم وبما كسبوا لما ترك على ساحة الناس من دابّة، يعني لأهلك الناس جميعاً.
وقد وقعت مشكلة في كيفية تصوير هذا المفهوم القرآني، حيث إنّ الناس ليسوا كلهم ظالمين عادة، فيهم الأنبياء، فيهم الأئمة فيهم الأوصياء، هل يشمل الهلاك الأنبياء والأئمة العدول من المؤمنين؟ حتى إنّ بعض الناس استغلّ هاتين الآيتين لإنكار عصمة الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام.
والحقيقة أنّ هاتين الآيتين تتحدّثان عن عقاب دنيوي لا عن عقاب اخروي، تتحدّث عن النتيجة الطبيعية لما تكسبه امّة عن طريق الظلم والطغيان.
هذه النتيجة الطبيعية لا تختصّ حينئذٍ بخصوص الظالمين من أبناء المجتمع، بل تعمّ أبناء المجتمع على اختلاف هوياتهم، وعلى اختلاف أنحاء سلوكهم.
حينما وقع التيه على بني إسرائيل نتيجة ما كسب هذا الشعب بظلمه وطغيانه وتمرّده، هذا التيه لم يختص بخصوص الظالمين من بني إسرائيل، وإنّما شمل موسى عليه الصلاة والسلام، شمل أطهر الناس وأزكى الناس وأشجع الناس في مواجهة الظلمة والطواغيت، شمل موسى عليه السلام؛ لأنّه جزء من تلك الامّة وقد حلّ الهلاك بتلك الامّة، وقد قرّر نتيجة ظلمهم أن يتيهوا أربعين عاماً، وبهذا شمل التيه موسى عليه الصلاة والسلام.
حينما حلّ البلاء والعذاب بالمسلمين نتيجة انحرافهم، فأصبح يزيد بن معاوية خليفة عليهم يتحكّم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم وعقائدهم، حينما
[1] فاطر: 45