قواعد تلك اللغة، حينئذٍ لابدّ وأن ترجع إلى ذلك العرف الذي تربّى فيه ذلك الإنسان، ترجع إلى ذلك العرف لكي تستنتج منه القواعد العامّة، النظريات العامّة.
نفس ما وقع بالنسبة إلى علوم العربية، كيف أنّ ابن اللغة لم يكن بحاجة إلى أن يُعلّم علوم العربية في البداية؛ لأنّه كان يعيش في أعماق عرف اللغة، لكن بعد أن ابتعد عن تلك الأعماق، بعد أن اختلفت الأجواء، بعد أن ضعفت اللغة، بعد أن تراكمت لغات اخرى إندسّت إلى داخل حياة هؤلاء، بدأ هؤلاء [يحسّون] بحاجة إلى علم للّغة، بدأوا [يحسّون] بحاجة إلى نظريات للّغة؛ لأنّ الواقع لا يسعفهم بنظرة سليمة، فلابدّ إذن من علم، لابدّ من نظريات لكي يفكّروا، ولكي يناقشوا، ولكي يتصرّفوا لغوياً وفقاً لتلك القواعد والنظريات. هذا المثال مثال تقريبي لأجل توضيح الفكرة.
إذن الصحابة الذين عاشوا في كنف الرسول الإعظم صلى الله عليه و آله إذا كانوا لم يتلقّوا النظريات بصيغ عامّة، فقد تلقّوها تلقّياً إجمالياً ارتكازياً، انتقشت في أذهانهم، سرت في أفكارهم. كان المناخ العام، الإطار الإجتماعي والروحي والفكري الذي يعيشونه كلّه كان إطاراً مساعداً على تفهّم هذه النظريات ولو تفهّماً إجمالياً، وعلى توليد المقياس الصحيح في مقام التقييم. أمّا حيث لا يوجد ذلك المناخ، أمّا حيث لا يوجد ذلك الإطار فإذن تكون الحاجة إلى النظريات- يعني الحاجة إلى دراسة لنظريات القرآن والإسلام- تكون حاجة حقيقية ملحّة خصوصاً مع بروز نظريّات عديدة من خلال التفاعل بين إنسان العالم الإسلامي وإنسان العالم الغربي بكلّ ما يملك من رصيد عظيم ومن ثقافة متنوّعة في مختلف مجالات المعرفة البشرية.
حينما وقع هذا التفاعل بين إنسان العالم الإسلامي وإنسان العالم الغربي وجد الإنسان المسلم نفسه أمام نظريّات كثيرة في مختلف مجالات الحياة، فكان