الصالح عن مجالات الاغراء ليتأكد من صلاحه وسلامة رصيده الروحي ومدلوله النفسي، بينما نجد المجتمعات الغربية أو غير الإسلامية في سلوكها الحياتي والنفسي تحشد كل وسائل الاغراء لدفع الناس إلى الأعمال المفيدة، حتى يفقد العمل المفيد كلّ قيمة خلقية في ضجّة الاغراء المحموم. والسبب في هذا أنها لا تملك دوافع روحية حقيقية كالدوافع التي يملكها المجتمع الإسلامي الصحيح، الذي يؤمن بربه ومعاده وارتباط الدنيا بعالم الآخرة. ومن هنا كانت القيم الخلقية مرتبطة تاريخياً بالدين منذ أبعد أدوار الحضارة البشرية إلى يومنا هذا.
وفي هذا الضوء الإسلامي قد يكون العمل الضئيل التافه في مظهره الإجتماعي أرفع وأسمى من عمل جبار يدوّي له التاريخ، قد تكون هذه الخفقة التي يخفق بها قلبك شفقة على الأعمى حين تجده يتسكّع الطريق فتأخذ بيده لترشده السبيل طلباً لرضا اللَّه .. أفضل ألف مرة من تضحية يترتب عليها أهمّ المصالح الإجتماعية، يدفعك إليها دافع من الدوافع المادية بعيداً عن الإطار الإجتماعي العام .. «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»[1].
وبهذا يفتح الإسلام السبيل أمام أيّ فرد- مهما كانت إمكاناته وقدرته على النفع الإجتماعي والعمل النافع- للارتقاء إلى أسمى درجة في سلّم النفس البشرية ومراحل كما لها الروحي، ويفرض على المجتمع أن يقيم تقديراته للأشخاص على مقدار ما تكشف عنه الأعمال من أرصدة روحية ونفسية، لا على المظاهر الخلّابة الخاوية مهما بدت عظيمة.
وقد يتبادر إلى بعض الأذهان: ان العرف غير الإسلامي في تقدير الأعمال
[1] القصص: 83