المفاهيم الخلقية التي يتبنّاها هذا المذهب. وهذه المفاهيم تحدّدها بدورها طبيعة الأهداف العامة التي يرمي المذهب إلى تحقيقها. ويتكوّن من مجموعها المثل الذي يسعى نحو ايجاده أو تصعيد البشرية إلى مستواه.
النظرة الرأسماليّة في تقييم العمل:
فالحضارة الرأسمالية- بوصفها ذات مذهب يُعني بالمصالح الحياتية للمجتمع، والجوانب الموضوعية من علاقات أفراده بعضهم ببعض-: ترى أنّ كل عمل يحقّق مصلحة للمجتمع، ويساهم في تأكيد المظهر الخارجي والاجتماعي للعلاقات بين الأفراد، وإقامتها على أساس من الحرية والمنفعة المتبادلة .. فهو عمل شريف جدير بالاحترام وفقاً لمدى توفر هذه العناصر الخيرة فيه. وكلما كانت الثمار التي يؤتيها في الحقل الإجتماعي والحياتي العام أكثر، كان العمل أرفع قيمة وأعظم مجداً في هذا الحساب الخلقي، أي أنّ العمل يقاس بمنافعه التي تنشأ عنه لا بدوافعه النفسية التي ينشأ العمل نفسه عنها. وحينما طغى الاتجاه النفعي في الحضارة الرأسمالية أصبح يعدّ كل عمل يسير في هذا الاتجاه نبيلًا، حتى اعتبر رجل الأعمال محسناً مهماً كانت دوافعه الأنانية ومشاعره الخاصة، كما لاحظ بحق الدكتور الكسيس كارل.
فالثري النبيل يحسن صنعاً في العرف الرأسمالي إذا أشاد مدرسة، أو تبرّع بمعونة الشتاء للفقراء المنكوبين، أو أقرض الدولة في أزمة من أزماتها قرضاً دون فائدة .. غير أن عمل هذا الثري لن يصل إلى درجة العمل البطولي، الذي ينفقه قائد سياسي محنّك في سبيل تحرير بلاده من الأسر السياسي، وإعادة كرامتها المغتصبة إليها، لأنّ الجانب الموضوعي لهذا العمل أضخم ومنفعته في حياة الناس أكبر.