ومسؤولية النبي صلى الله عليه و آله في ضمان فهم الامّة للقرآن، وصيانته من الانحراف يعبر عنها (المستوى الخاص) الذي مارسه من التفسير، فقد كان لا بدّ للضمان من هذا المستوى الخاص، ولا يكفي المستوى العام ولو جاء التفسير مستوعباً، لأنه يجيء عندئذ متفرقاً ولا يحصل الاندماج المطلق، الذي هو شرط ضروري لحمل أمانة القرآن.
ونفس المخطط كان لا بدّ من اتباعه في مختلف الجوانب الفكرية للرسالة من تفسير وفقه وغيرهما.
وهذا الحلّ المنطقي للموقف تدعمه النصوص المتواترة الدالّة على وضع النبيّ صلى الله عليه و آله لمبدأ مرجعية أهل البيت عليهم السلام في مختلف الجوانب الفكرية للرسالة، ووجود تفصيلات خالصة لدى أهل البيت عليهم السلام تلقّوها عن النبيّ صلى الله عليه و آله في مجالات التفسير والفقه وغيرهما.
أمّا النصوص التي تمثّل مبدأ مرجعية أهل البيت في الجوانب الفكرية للرسالة فهي كثيرة منها حديث الثقلين وللتوسّع في ذلك مجاله الأنسب في دروس الفقه، ونقتصر هنا على ذكر كلام لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام يصوّر الموقف وفقاً لما استنتجناه، ويتحدّث عن المستويين اللذين كان يمارسهما في حياته وإليكم الحديث:
أخرج ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله غير ما في أيدي الناس ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ اللَّه صلى الله عليه و آله أنتم تخالفونهم فيها