ويمكننا أن نضيف الى ما تقدم نقطة اخرى أيضاً وهي: أنّ الآية قد تكون من الناحية اللغوية في مستوى معلومات الشخص، ولكنه يبقى مع ذلك- عند محاولة استيعاب المعنى- بحاجة الى البحث؛ والسؤال لتعيين المصداق الذي يتجسد فيه مدلول اللفظة، ففي قوله تعالى: «وَ الْفَجْرِ* وَ لَيالٍ عَشْرٍ»[1] من الطبيعي ان يعرف الصحابة جميعاً- بحكم نشأتهم العربية- معنى كلمة «ليال» ومعنى كلمة «عشر»، ولكن يبقى بعد ذلك ان يعرفوا المصداق، وما هي تلك الليالي العشر التي عناها اللَّه تعالى. وكذلك الامر في قوله تعالى: «وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً»[2] «وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً»[3] فالمعرفة باللغة وحدها لا تكفي في هذه المجالات.
وهكذا نستنتج أنّ المسلمين في عصر الرسول صلى الله عليه و آله لم يكن الفهم التفصيلي للقرآن ميسراً لهم على وجه العموم، بل كانوا في كثير من الاحيان بحاجة الى السؤال والبحث والاستيضاح لفهم النص القرآني.
دور الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله في التفسير:
وكان من الطبيعي أن يقوم الرسول الاعظم بدور الرائد في التفسير، فكان هو المفسر الاول يشرح النص القرآني، ويكشف عن أهدافه، ويقرب الناس الى مستواه كلّاً حسب قابلياته واستعداده الخاص، ويحل للمسلمين ما تعترضهم من مشاكل في تفهّم النص الكريم، وتحديد معطياته وما يلتبس عليهم من احكام
[1] الفجر: 1 و 2
[2] العاديات: 1
[3] الذاريات: 1