يستبينا، فلما اصبح أخبر الرسول بشأنه فافهمه المراد[1].
3- وروي انّ عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود على عمر فقال: انّ قدامة شرب فسكر. فقال عمر: من يشهد على ما تقول قال الجارود: ابو هريرة يشهد على ما اقول. فقال عمر: يا قدامة، اني جالدك. قال:
واللَّه لو شربت كما يقولون ما كان لك ان تجلدني قال عمر: ولم؟ قال: لأنّ اللَّه يقول: «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا»[2] فانا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثمّ اتّقوا وأحسنوا شهدت مع رسول اللَّه بدراً واحداً والخندق والمشاهد فقال عمر: ألا تردون عليه قوله؟ فقال ابن عباس: ان هذه الآيات انزلت عذراً للماضين وحجة على الباقين، لأنّ اللَّه يقول: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ»[3]. فقال عمر: صدقت[4].
فهذه الوقائع تدل على انّ الصحابة كثيراً ما كانوا لا يفهمون القرآن بصورة تلقائية، ويحتاجون في فهمه الى السؤال، والبحث، إمّا لعدم الاطلاع على المدلول اللغوي للكلمة كما في القسم الاول، أو لعدم الارتفاع فكرياً الى مستوى اغراض القرآن ومعانيه كما في القسم الثاني، أو للنظرة التجزيئية التي ورطت قدامة بن مظعون في فهم خاطىء للآية الكريمة كما في القسم الثالث.
[1] راجع صحيح البخاري 3: 36
[2] المائدة: 93
[3] المائدة: 90
[4] تفسير القرطبي 6: 297