كانوا يفهمون القرآن فهماً اجمالياً، وأ نّهم لم يكونوا على وجه العموم يفهمونه بصورة تلقائية، فهماً تفصيلياً يستوعب مفرداته وتراكيبه.
الشواهد على عدم توفر الفهم التفصيلي:
وهذا الذي تدل عليه طبيعة الاشياء أكدته أحاديث ووقائع كثيرة، دلت على أنّ الصحابة كانوا كثيراً ما لا يستوعبون النص القرآني ولا يفهمون معناه، إمّا لعدم اطلاعهم على مدلول الكلمة القرآنية المفردة من ناحية لغوية، أو لعدم وجود استعداد فكري يتيح لهم فهم المدلول الكامل، أو لفصل الجملة أو المقطع القرآني عن الملابسات والامور التي يجب أن يُقرن المقطع القرآني بها لدى فهمه[1].
واليكم عدداً من هذه الاحاديث والوقائع:
1- عن الحاكم في المستدرك أنّ أنس قال بينا عمر جالس في أصحابه، اذ تلا هذه الآية «فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَ عِنَباً وَ قَضْباً* وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلًا* وَ حَدائِقَ غُلْباً* وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا»[2]، ثم قال هذا: كله عرفناه فما (الأب)؟ قال وفي يده عصية يضرب بها الارض، فقال: هذا لَعمر اللَّه التكلف، فخذوا أيّها الناس بما بين لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فَكِلُوه الى ربِّه[3].
وروي أيضاً أنّ عمر كان على المنبر فقرأ: «أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى
[1] ذكرنا وجود شواهد كثيرة على هذه الحقيقة وردت في كتب الحديث والتفسير، مثل الطبرسي وصحيح البخاري والمستدرك للحاكم وغيرها.( المؤلّف قدس سره)
[2] عبس: 27- 31
[3] المستدرك على الصحيحين 2: 514 مع اختلاف في التعبير