[عدم توفّر الفهم التفصيلي للقرآن في معاصري الوحي:]
بالرغم من أنّ القرآن الكريم تميز باسلوب فريد في اللغة العربية، وصل به الى مستوى الاعجاز فقد جاء وفقاً للنظام العام للغة العربية، وتطبيقاً لقواعدها ومناهجها في التعبير، ومتفقاً مع الذوق العربي العام في فنون الحديث، وعلى هذا الاساس كان يحظى بفهم اجمالي من معاصري الوحي- على وجه العموم- ولاجل ذلك كان البيان القرآني يأخذ بأَلبابِ المشركين، ويفتح قلوبهم للنور، وكثيراً ما اتفق للشخص أن يستجيب للدعوة، ويشرح اللَّه صدره للاسلام بمجرد أن يسمع عدة آيات من القرآن، فلولا وجود فهم اجمالي عام للقرآن لم يكن بالامكان أن يحقق القرآن هذا التأثير العظيم السريع في نفوس الافراد، الذين عاشوا البيئة الجاهلية وظلامها.
ولكن هذا لا يعني أنّ معاصري الوحي، وقتئذ كانوا يفهمون القرآن كلَّه فهماً كاملًا شاملًا من ناحية المفردات والتراكيب، بنحو يتيح لهم أن يحددوا المدلول اللفظي لسائر الكلمات والجمل والمقاطع التي اشتمل عليها القرآن الكريم، كما زعم ابن خلدون حيث قال في مقدمته: «إنّ القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب