عن القرآن ككل يشكل القاعدة الاساسية لفهم تفصيلاته، ودرس مختلف جوانبه، فلا بد أن يُبنى التفسير على قاعدة سليمة ومفهوم صحيح عن القرآن، يتفق مع الاطار الاسلامي للتفكير، لكي يتجه اتجاهاً صحيحاً في الشرح والتحليل؛ وأمّا اذا اقيم التفسير على أساس تقييم خاطئ للقرآن ومفهوم غير صحيح عنه، فسوف ينعكس انحراف القاعدة على التفصيلات، ويفرض على اتجاه البحث انحرافاً في التحليل والاستنتاج.
وفيما يلي نذكر بعض الامثلة التي يتجلى فيها مدى الفرق في الاتجاه بين دراسة القرآن بوصفه كتاباً الهياً للهداية، ودراسته بوصفه ظاهرة في مجتمع تتأثر به وتتفاعل مع عوامله ومؤثراته، وكيف تنعكس القاعدة التي يقام على أساسها التفسير في التفصيلات وطريقة التحليل والاستنتاج؟
أ- ففي اقرار القرآن لعدد من الاعراف وألوان من السلوك التي كانت سائدة بين العرب قبل بزوغ نور الرسالة الجديدة، قد يخيل لمن ينطلق من قاعدة خاطئة ويحاول أنْ يفسر القرآن بمقاييس غيره من منتجات الارض أنّ ذلك الاقرار يعبر عن تأثر القرآن بالمجتمع الذي وجد فيه، ولكن هذا التفسير لا معنى له حين ننطلق من القاعدة الصحيحة، ونفهم القرآن الكريم بوصفه كتاباً الهياً للهداية وبناء الانسانية، بالصورة التي تعيد اليها فطرتها النقية، وتوجهها نحو أهدافها الحقيقية الكبرى.
بل نستطيع على أساس هذه القاعدة الصحيحة ان نفهم ذلك الاقرار من القرآن فهماً صحيحاً، اذ ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل ان يشجب كل الوضع الذي كانت الانسانية عليه قبله، لأنّ الانسانية مهما تفسد وتنحرف عن طريق الفطرة والاهداف الحقيقية الكبرى فهي لا تفسد كلها، بل تبقى في العادة جوانب صالحة في حياة الانسانية تمثل فطرة الانسان أو تجاربه الخيرة، فمن الطبيعي للقرآن ان يقر بعض الجوانب ويشجب اكثر الجوانب فيa