الاتّجاهات الربانية بالنسبة إلى ذلك الواقع.
ومن هنا تبقى للقرآن حينئذٍ قدرته على القيمومة دائماً، قدرته على العطاء المستجدّ دائماً، قدرته على الإبداع دائماً؛ لأنّ المسألة هنا ليست مسألة تفسير لفظ، طاقات التفسير اللغوي ليست طاقات لا متناهية، بينما القرآن الكريم دلّت الروايات على أ نّه لا ينفد[1]، وصرّح القرآن الكريم بأنّ كلمات اللَّه لا تنفد[2].
القرآن الكريم عطاؤه لا ينفد بينما التفسير اللغوي ينفد؛ لأنّ اللغة لها طاقات محدودة، وليس هناك تجدّد في المدلول اللغوي، ولو وجد تجدّد في المدلول اللغوي فلا معنى لتحكيمه على القرآن، ولو وجدت لغة اخرى بعد القرآن لا معنى لأن يفهم القرآن من خلال لغة جديدة أو مصطلحات جديدة أو ألفاظ تحمل مدلولات وضعية استحدثت بعد القرآن.
إذن هذا العطاء الذي لا ينفد للقرآن، هذه المعاني التي لا تنتهي للقرآن، التي نصّ عليها القرآن نفسه ونصّت عليها أحاديث أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، هذه الحالة من عدم النفاد، تكمن في هذا المنهج، في منهج التفسير الموضوعي؛ لأنّنا نستنطق القرآن، وإنّ في القرآن علم ما كان وعلم ما يأتي؛ لأنّ في القرآن دواء دائنا، لأنّ في القرآن نظم ما بيننا، لأنّ في القرآن ما يمكن أن
[1] راجع نهج البلاغة: الخطبة 198
[2] انظر قوله تعالى:« وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ» لقمان: 27.
وقوله تعالى:\i« قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً»\E الكهف: 109