في صورة معينة، فهذه الصورة المعينة هي تأويل ذلك المعنى العام.
وعلى هذا الاساس يكون معنى التأويل في هذه الآية هو ما أطلقنا عليه اسم تفسير المعنى، لأن الذين في قلوبهم زيغ كانوا يحاولون أنْ يحددوا صورة معينة لمفاهيم الآيات المتشابهة اثارة للفتنة، لأنّ كثيراً من الآيات المتشابهة تتعلق معانيها بعوالم الغيب، فتكون محاولة تحديد تلك المعاني وتجسيدها في صورة ذهنية خاصة عرضة للخطر وللفتنة. ونستخلص من ذلك أمرين:
أحدهما: التأويل جاء في القرآن بمعنى ما يؤول إليه الشيء لا بمعنى التفسير، وقد استخدم بهذا المعنى للدلالة على تفسير المعنى لا تفسير اللفظ، اي على تجسيد المعنى العام في صورة ذهنية معينة.
والآخر: ان اختصاص اللَّه سبحانه والراسخين في العلم بالعلم بتأويل الآيات المتشابهة لا يعني أنّ الآيات المتشابهة ليس لها معنى مفهوم، وان اللَّه وحده الذي يعلم بمدلول اللفظ وتفسيره، بل يعني أنّ اللَّه وحده الذي يعلم بالواقع الذي تشير إليه تلك المعاني، ويستوعب حدوده وكنهه. وأما معنى اللفظ في الآية المتشابهة فهو مفهوم بدليل أنّ القرآن يتحدث عن اتباع مرضى القلوب للآية المتشابهة، فلو لم يكن لها معنى مفهوم لما صدق لفظ (الاتباع) هنا، فما دامت الآية المتشابهة يمكن ان تتبع فمن الطبيعي ان يكون لها معنى مفهوم، وكيف لا يكون لها معنى مفهوم وهي جزء من القرآن الذي انزل لهداية الناس وتبيان كل شيء!
والواقع أنّ عدم التمييز بين تفسير اللفظ وتفسير معنى اللفظ هو الذي أدّى الى الاعتقاد بأنّ التأويل المخصوص علمه باللَّه هو تفسير اللفظ وبالتالي الى القول بأنّ قسماً من الآيات ليس لها معنى مفهوم، لأنّ تأويلها مخصوص باللَّه، ونحن اذا ميّزنا بين تفسير اللفظ وتفسير المعنى نستطيع أنْ نعرف أنّ المخصوص باللَّه هو